للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لهم كثيراً، وقيل لا حرج في أن لا تحدثوا عنهم لأن قوله أولا "حدثوا" صيغة أمر تقتضي الوجوب فأشار إلى عدم الوجوب وأن الأمر فيه للإباحة بقوله "ولا حرج أي في ترك التحديث عنهم. وقيل المراد رفع الحرج عن حاكي ذلك لما في أخبارهم من الألفاظ الشنيعة نحو قولهم (اذهب أنت وربك فقاتلا) وقال مالك المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن، أما ما عُلِم كذبه فلا. وقيل المعنى حدثوا عنهم بمثل ما ورد في القرآن والحديث الصحيح. وقيل المراد جواز التحدث عنهم بأي صورة وقعت من انقطاع أو بلاغ لتعذر الاتصال في التحدث عنهم، بخلاف الأحكام الإسلامية فإن الأصل في التحدث بها الاتصال، ولا يتعذر ذلك لقرب العهد. وقال الشافعي: من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجيز التحدث بالكذب، فالمعنى حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه، وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم وهو نظير قوله "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" ولم يرد الإذن ولا المنع من التحدث مما يقطع بصدقه" ا. هـ ابن حجر.

٥٨ - * روى أحمد قول النبي صلى الله عليه وسلم "ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان باطلاً لم تصدقوهم وإن كان حقاً لم تكذبوه" ويؤيده ما أخرجه البخاري (١). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال "كان أهلُ الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسّرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصدِّقوا أهل الكتاب ولا تكذِّبوهم وقولوا (آمنا بالله وما أنزل ...) ".

قال البغوي: وهذا أصل في وجوب التوقف عماي شكل من الأمور والعلوم، فلا يُقضى فيه بجواز ولا بُطلان، وعلى هذا كان السلف، وقد سئل عثمان عن الجمع بين الأختين من ملك اليمين؟ قال: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، ولم يقضِ فيه بشيء، وقطع علي بتحريمه، وإليه ذهب عامة الفقهاء.


٥٨ - أحمد (٤/ ١٣٦).
أبو داود (٣/ ٣١٨) كتاب العلم - باب رواية حديث أهل الكتاب.
(١) البخاري (٨/ ١٧٠) ٦٥ - كتاب التفسير، ١١ - باب (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا).

<<  <  ج: ص:  >  >>