للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً) (١).

إن علم الخشوع مرتبط بعلم تصفية القلوب من أمراضها وتحققها بصحتها وذلك باب واسع، ولذلك فعلماء الآخرة يبدؤون بتلقين السالك إلى الله الذكر والحكمة حتى يحيا قلبه، فإذا حيي قلبه نقوه من الأوصاف الذميمة ودلوه على الأوصاف الحميدة، وههنا يأتي تعويد قلبه على الخشوع من خلال الحضور مع الله والتأمل في المعاني ولكل ذلك طريقه المشروع عندهم.

وخشوع الجوارح في الصلاة هو ميزان خشوع القلب فبقدر ما تخشع في صلاتك فذلك علامة الخشوع في قلبك، (انظر المستخلص ٣٦ - ٣٧).

قال في مختصر منهاج القاصدين.

"- واعلم أن للصلاة أركاناً وواجبات وسنناً، وروحها النية والإخلاص والخشوع وحضور القلب، فإن الصلاة تشتمل على أذكار ومناجاة وأفعال، ومع عدم حضور القلب لا يحصل المقصود بالأذكار والمناجاة، لأن النطق إذا لم يعرب عما في الضمير كان بمنزلة الهذيان، وكذلك لا يحصل المقصود من الأفعال، لأنه إذا كان المقصود من القيام الخدمة، ومن الركوع والسجود الذل والتعظيم، ولم يكن القلب حاضراً، لم يحصل المقصود، فإن الفعل متى خرج عن مقصوده بقي صورة لا اعتبار بها، قال الله تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) (٢) والمقصود أن الواصل إلى الله سبحانه وتعالى هو الوصف الذي استولى على القلب حتى حمل على امتثال الأوامر المطلوبة، فلابد من حضور القلب في الصلاة، ولكن سامح الشارع في غفلة تطرأ، لأن حضور القلب في أولها ينسحب حكمه على باقيها.


(١) الإسراء: من ١٠٧.
(٢) الحج: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>