للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- ولأهمية الخشوع في الصلاة نهى الشارع أن يصلي الإنسان وهناك صارف طبيعي يصرفه عن الخشوع كوجود الطعام، ونهى عن إتيان الصلاة إلا بهيئة خشوع فلا يركض الإنسان من أجلها وأمر بإتمام هيئاتها الظاهرة من طمأنينة وعدم التفات وأمر بالإقلال من الحركة، ونهى عما يصرف عن الخشوع من نظر إلى السماء أو انشغال فيها عما ليس منها.

ومن هنا نعرف أن للخشوع سمتاً ظاهراً وهو أن تؤدى الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها وآدابها، وكما أن للخشوع مظهراً خارجياً فإن له حقيقة باطنة وهي التدبر والتأثر. وذروة التأثر أن تفيض العينان بالبكاء من خشية الله عز وجل.

- والخشوع علم بنص الحديث الذي رواه أبو الدرداء، وهذا العلم قل العارفون به ولذلك قل الخشوع، ومبنى علم الخشوع معرفة علم ما يصلح القلب وما يفسده ومعالجة فساد القلوب للوصول بها إلى القلب السليم، (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) (١).

- ولا شيء أصلح للقلب من كثرة ذكر الله عز وجل، قال تعالى: (ويهدي إليه من أناب، الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) (٢).

وأول ما يقبل الإنسان على الله بالذكر، يذكر مع الغفلة، فإذا استمر مع الذكر نقله الله إلى الحضور معه، فإذا استمر على الذكر وصل إلى مقام المراقبة والمشاهدة، فإذا أديت الصلاة في هذين المقامين فذلك من كمال الخشوع.

- من مظاهر الخشوع عند الحنفية نظر المصلي إلى موضع سجوده قائماً، وإلى ظاهر قدميه راكعاً وإلى أرنبة أنفه ساجداً وإلى حجره جالساً وإلى منكبيه مسلماً، وأن يمسك فمه عند التثاؤب فإن لم يقدر غطاه بظهر يده اليسرى أو بكمه بأقل ما يمكن من الحركة، وأن يدفع السعال ما استطاع، والسعال عندهم بلا عذر يفسد الصلاة إذا خرج حرفان أو أكثر بسببه، ومما ينبغي أن يلاحظه الإنسان بأن يقوم إلى الصلاة بنشاط، قال تعالى في وصف


(١) الشعراء: ٨٩.
(٢) الرعد: من ٢٧، ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>