للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالاً يأتون الكهان؟ قال: "فلا تأتهم". قال: ومنا رجال يتطيرون؟ قال: "ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم"- قال ابن الصباح: "فلا يصدنكم"- قال: قلت: ومنا رجال يخطون؟ قال: "كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه: فذاك"، قال: وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي، قلت: يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: "ائتني بها، فقال لها: أين الله؟ " قالت: في السماء، قال: "من أنا؟ " قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة".

قال (النووي ٥/ ٢٣):

اختلف العلماء في معناه فالصحيح أن معناه من وافق خطه فهو مباح له ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح والمقصود أنه حرام لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة وليس لنا يقين بها وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم فمن وافق خطه فذاك ولم يقل هو حرام بغير تعليق على الموافقة لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط فحافظ النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا فالمعنى أن ذلك النبي لا منع


وحقيقته: أن يكون له رئي من الجن يلقي إليه ما يستمعه ويسترقه من أخبار السماء، فما يكون قد استمعه وألقاه على جهته كان صحيحاً، وما يكذب فيه مما لا يكون قد سمعه فهو الأكثر، وقد جاء هذا مصرحاً به في الحديث الصحيح.
(يتطيرون) التطير: التشاؤم بالشيء، وأصله: أن العرب كانوا إذا خرجوا في سفر، أو عزموا على عمل: زجروا الطائر تفاؤلاً به، فما غلب على ظنهم وقوي في أنفسهم فعلوه: من قول أو عمل، أو ترك ونهى الشرع عنه، تسليماً لقضاء الله وقدره، وجعل لهم بدل ذلك الاستخارة في الأمر، وما أحسن هذا البدل.
(يخطون) الخط: الذي يفعله المنجم في الرمل بأصبعه ويحكم عليه ويستخرج به الضمير وهو محرم وكان معجزة لأحد الأنبياء فلا يقاس عليه لأنه لا يوافق خط أحد خط ذلك النبي.
(آسف) أسف الرجل يأسف أسفاً: إذا غضب، والأسف: الغضب.
(صككتها) الصك: الضرب واللطم.

<<  <  ج: ص:  >  >>