كل مسلم بدراسته المسجدية، وقد درجت بعض المساجد على أن تكون فيها أمكنة خاصة للنساء، وقاعات للمطالعة يمكن أن يستفاد منها في محاضرات أو دروس للعلوم الكفائية، وقد خصص بعض المسلمين في بعض المساجد غرفاً لأضياف المسجد كما خصصوا غرفاً لمريدي الاعتكاف والخلوات والأذكار، وخصص بعض بناة المساجد مرافق خاصة للقائمين بشؤون المسجد من إمام وخطيب، واعتنى بعضهم بإقامة مطعم يمكن أن يستفاد منه حين وجود الأضياف، ومن القديم فطن المسلمون إلى فكرة وجود الأوقاف التي تسد حاجات المسجد، وإنما نذكر هذا كله تذكيراً لأصحاب الإمكانات بأن يبذلوا جهوداً لإيجاد المسجد الذي يجمع بين المعاصرة وبين المركزية التي كانت للمسجد في كونه مركزاً لكل النشاطات الإسلامية الجادة، وقد ذهب بعضهم إلى أنه مما ينبغي أن يلحق بالمسجد المعاصر النادي الرياضي الإسلامي والنادي الكشفي الإسلامي، وأن يسهر المختصون على هذا كله بحيث يكون المسجد محضناً يتخرج فيه المسلم الكامل ثقافة وخصائصاً والتزاماً وتخصصاً في فرض من فروض الكفاية، ومن تتبع اجتهادات المسلمين في موضوع المساجد وفطنتهم للصغيرة والكبيرة مما يحتاجه المسجد ورواده يرى العجب، فبعض رواد المساجد نظموا جمع التبرعات والزكوات بحيث لا يضيع أحد في دائرة المسجد وما أجمل أن يقوم مجلس المسجد بالتهيئة لإحياء المناسبات والتحضير لمواسم العبادات كرمضان والحج، وعلى القائمين على شؤون المسجد أن يرتبوا لمشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم، فإذا ولد مولود زاروا أهله وقدموا الهدايا باسم المسجد، وإذا تزوج إنسان قاموا بشؤون الأفراح على الطريقة الإسلامية، وقدم الرجال والنساء الهدايا باسم المسجد، وإذا توفي إنسان قاموا بحقوق الميت وحقوق أهله، وما لا يدرك كله لا يترك جله.
وإنما حياة المسجد بالجمعة والجماعة فعليهما يجب أن ينصب أكبر الاهتمام وعلى خطيب المسجد أن يجعل أسبوعه كله في خدمة الخطبة، فلقد رأينا خطباء لا يهتمون بالتحضير للخطبة فتفوتهم أشياء كثيرة بسبب ذلك، فلا هم يحسنون اختيار الموضوعات المتكاملة ولا هم يحسنون العرض، وكثيراً ما تفوتهم الدقة العلمية أو الفقهية، فيلقنون الناس الخطأ، فأصبحنا نستشعر أننا في العصر الذي كثر خطباؤه وقل علماؤه.