للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لمعرفة طبيعتهم ولأن يستسلموا له أكثر من الغريب عنهم، أما عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهذه خصوصية خص بها من بين الرسل، وأما تأمير الصحابة على الأنصار، فلفضل الصحبة، ولأن البلدان المفتوحة لم يكن يوجد من أهلها من فقه وقوي على تدبير أمور أهلها بالإسلام، وعلى هذا فينبغي لدعاة الإسلام أني حرصوا أن يكون لكل قطر مؤسساته الاصة به وأمراؤه الذين هم من أهله، ومهما استطعنا أن نعمم ذلك فيما دون ذلك فعلينا أن نفعل ما لم تترتب على ذلك مفسدة محققة أو تفوتنا بذلك مصلحة محققة.

١٥٦٥ - * روى البخاري عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه قال: "كنا بما ممر الناس، يمر بنا الركبان نسألهم: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله، أوحى إليه كذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام، فكأنما يغرى في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح، فيقولون: ارتكوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقاً فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست، أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا است قارئكم؟ فاشتروا، فقطعوا لي قميصاً، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص".

أقول: لا يجيز فقهاء الحنفية ومن وافقهم أني صلي غير البالغ إماماً بالبالغين لأنه غير مكلف، وهم مكلفون، ولا يعتبرون هذه الحادثة دليلاً لجواز صلاة الصبي بالبالغين، لأنه من تصرف القوم بناءً على نص عام مخصص بنصوص أخرى.


١٥٦٥ - البخاري (٨/ ٢٢) ٦٤ - كتاب المغازي، ٥٢ - باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح.
(يغرى) يقال: غري هذا الحديث في صدري: إذا التصق به، كأنه ألصق بالغراء.
(تلوم): أي تتلوم والتلوام: المكث والانتظار.
(تقلصت) تقلص الثوب عن الإنسان: إذا قصر وارتفع إلى فوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>