للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تختلف الأفعال الظاهرة، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله تعالى. الثاني مقابله وهو أضيقها أنه لا يجوز اختلاف النيات حتى لا يصلي المتنفل خلف المفترض، والثالث أوسطها أنه يجوز اقتداء المتنفل بالمفترض لا عكسه، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك رحمهما الله، ومن نقل عن مذهب مالك مثل المذهب الثاني فليس بجيد فليعلم ذلك اهـ (٢: ٥٩). قلت أي صاحب الإعلاء وخير الأمور أوساطها. قال الزيلعي: وبقولنا قال أحمد ومالك اهـ (٢: ٥٢). وقال أحمد في رواية بما قال الشافعي: كذا في عمدة القارى (٢: ٧٧٣). واستدل الشافعي رحمه الله تعالى بما أخرجه البخاري ومسلم عن جابر "أن معاذاً كان يصلي مع رسول الله صلى الله علي وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه، فيصلي بهم تلك الصلاة" لفظ مسلم. ولأصحابنا عنه أجوبة أحدها أن الاحتجاج به من باب ترك الإنكار من النبي صلى الله عليه وسلم، وشرط ذلك علمه بالواقعة، وجاز أن لا يكون علم بها، ويدل عليه ما رواه أحمد في مسنده عن معاذ بن رفاعة عن سليم رجل من بني سلمة "أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن معاذ بن جبل يأتينا بعد ما ننام، ونكون في أعمالنا بالنهار، فينادي بالصلاة فنخرج إليه، فيطول علينا، فقال له عليه السلام: "يا معاذ! لا تكن فتاناً، إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف على قومك"، فدل على أنه كان يفعل أحد الأمرين في علمه، ولم يكن يجمعهما، لأنه قال: "إما أن تصلي معي" أي ولا تصل بقومك، "وإما أن تخفف على قومك" أي ولا تصل معي. وقال الشيخ ابن تيمية في المنتقى: وقوله عليه السلام: "إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف عن قومك" ظاهر في منع اقتداء المفترض بالمتنفل، لنه يدل على أنه متى صلى معه امتنعت إمامته لقومه، وبالإجماع لا يمتنع إمامته بصلاة النفل معه، فعلم أنه أراد به صلاة الفرض، وأن الذي كان يصليه معه كان ينويه نفلاً، كذا في نصب الراية للزيلعي (٢: ٥٣).

وفي كلام الشيخ ابن تيمية إشارة إلى احتمال آخر هو أن يكون معاذ كان يجعل صلاته معه عليه السلام نفلاً ليتعلم سنة القراءة، وأفعال الصلاة. وأجاب الحافظ في الفتح (٢/ ١٩٧) عن الاحتمال الأول بأن للمخالف أن يقول بل التقدير إما أن تصلي معي فقط إذا لم تخفف وإما أن تخفف بقومك فتصلي معي وهو أولى من التقدير الأول ورد العيني على

<<  <  ج: ص:  >  >>