للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يده، فحمد الله، ورجع القهقرى وراءه، حتى قام في الصف، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى للناس، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: يا أيها الناس ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم في التصفيق، إنما التصفيق للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد حين يقول: سبحان الله، إلا التفت، يا أبا بكر، ما منعك أن تصلي بالناس حين أشرت إليك؟ فقال أبو بكر: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي أخرى (١) مختصراً "أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اذهبوا بنا حتى نصلح بينهم"، وليس عند مسلم في هذه الرواية الآخرة قول النبي صلى الله عليه وسلم ولأبي داود (٢) "كان قتال بين بني عمرو بن عوف، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاهم ليصلح بينهم بعد الظهر، فقال لبلال: إن حضرت صلاة العصر ولم آتك، فمر أبا بكر فليصل بالناس، فلما حضرت العصر أذن بلال، ثم أقام، ثم أمر أبا بكر فتقدم" وقال في آخره: "إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال، وليصفح النساء".

أقول: في تأخر أبي بكر رضي الله عنه عن الإمامة وتقديمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أساس بنى عليه الفقهاء موضوع الاستخلاف في الصلاة، وسنتعرض لهذا الموضوع في آخر هذا الفصل أثناء الكلام عن المسائل والفوائد.

قال النووي في شرح مسلم: (فيه أن الإمام إذا تأخر عن الصلاة تقدم غيره إذا لم يخف فتنة وإناراً من الإمام وفيه أن المقدم نيابة عن الإمام يكون أفضل القوم وأصلحهم لذلك الأمر وأقومهم به وفيه أن المؤذن وغيره يعرض التقدم على الفاضل وأن الفاضل يوافقه وفيه أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة لقوله صفق الناس وفيه جواز الالتفات في الصلاة للحاجة واستحباب حمد الله تعالى لمن تجددت له نعمة ورفع اليدين بالدعاء وفعل ذلك الحمد والدعاء


(١) البخاري (٥/ ٣٠٠) ٥٣ - كتاب الصلح، ٣ - باب قول الإمام لأصحابه اذهبوا بنا نصلح.
(٢) أبو داود (١/ ٢٤٨) كتاب الصلاة، ١٧٢ - باب التصفيق في الصلاة.
قال أبو داود: قال: عيسى بن أيوب: التصفيح للنساء: تضرب بأصبعين من يمينها على كفها اليسرى.
(نابكم): ناب فلان كذا وكذا: أي عرض له مرة بعد أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>