للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورد هذا التأويل بأن إمام الخلائق على الإطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أولى بذلك، وكان هو الإمام المطلق ولم يربع.

التأويل الثالث: أن منى كانت قد بينت وصارت قرية كثر فيها المساكن في عهده، ولم يكن ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كانت فضاء، فتأول عثمان أن القصر إنما يكون في حال السفر ورد هذا التأويل بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة عشراً يقصر الصلاة.

التأويل الرابع: أنه أقام بها ثلاثاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثاً" فسماه مقيماً والمقيم غير مسافر، ورد هذا التأويل بأن هذه إقامة مقيدة في أثناء السفر ليست بالإقامة التي هي قسيم السفر، وقد أقام صلى الله عليه وسلم بمكة عشراً يقصر الصلاة، وأقام بمنى بعد نسكه أيام الجمار الثلاث يقصر الصلاة.

التأويل الخامس: أنه كان قد عزم على الإقامة والاستيطان بمنى واتخاذها دار الخلافة، فلهذا أتم، ثم بدا له أن يرجع إلى المدينة، وهذا التأويل أيضاً مما لا يقوى، فإن عثمان من المهاجرين الأولي، وقد منع صلى الله عليه وسلم المهاجرين من الإقامة بمكة بعد نسكه، ورخص لهم فيها ثلاثة أيام، فلم يكن عثمان ليقيم بها وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.

التأويل السادس: أنه كان قد تأهل بمنى (أو بمكة) والمسافر إذا أقام في موضع وتزوج فيه أو كان له به زوجة أتم، ويروى في ذلك حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم، فروى عكرمة ابن إبراهيم الأزدي، عن أبي ذناب، عن أبيه قال: "صلى عثمان بأهل منى أربعاً، وقال: يا أيها الناس! لما قدمت تأهلت بها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا تأهل الرجل ببلده فإنه يصلي بها صلاة مقيم". رواه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده، وعبد الله بن الزبير الحميدي في "مسنده" أيضاً، وقد أعله البيهقي بانقطاعه وتضعيفه عكرمة بن إبراهيم، وقال أبو البركات ابن تيمية: ويمكن المطالبة بسبب الضعف، فإن البخاري ذكره في تاريخه ولم يطعن فيه، وعادته ذكر الجرح والمجروحين وقد نص أحمد وابن عباس قبله أن المسافر إذا تزوج لزمه الإتمام، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله ومالك وأصحابهما، وهذا أحسن ما اعتذر به عن عثمان ا. هـ. لكن رد هذا الاعتذار ابن حجر فقال (٢/ ٥٧١):

<<  <  ج: ص:  >  >>