عشر يوماً هي الحد الذي ينتهي إليه من عزم على السفر ولم يتهيأ له سوى يومي الدخول والخروج، فإذا ما تجاوزت إقامته ولو كان على عزم السفر تسعة عشر يوماً مع يومي الدخول فعليه الإتمام، ويعتبرون كلام ابن عباس دليلاً لهم، والحنفية يحملون فعل الرسول صلى الله عليه وسلم على أنه لم ينو الإقامة وأنه كان على عزم السفر ولم يتهيأ له ذلك، وما دام المجتهد على مذهب إمام مجتهد فالأمر واسع في حقه.
عن: مجاهد، قال:"إن ابن عمر كان إذا أجمع على إقامة خمسة عشر يوماً أتم الصلاة". رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وإسناده صحيح (آثار السنن)(٢/ ٦٦).
وعنه أيضاً، عن ابن عمر:"أنه إذا أراد أن يقيم بمكة خمسة عشر سرح ظهره وصلى أربعاً". رواه محمد بن الحسن في (كتاب الحجج)، وإسناده صحيح (آثار السنن)(٢/ ٦٦).
وعنه أيضاً، عن عبد الله بن عمر، قال:"إذا كنت مسافراً فوطنت نفسك على إقامة خمسة عشر يوماً فأتمم الصلاة، وإن كنت لا تدري فاقصر". رواه محمد بن الحسن في (الآثار)، وإسناده حسن، (آثار السنن)(٢/ ٦٦). وأخرجه الحافظ في (الدراية)(صـ ١٢٩) عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، وعزاه إلى الطحاوي وسكت عنه.
قال صاحب الإعلاء (٧/ ٢٧٥):
وقد ذكر الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" والحافظ ابن حجر في "الدراية" والعيني في "العمدة"(٣ - ٥٣٠) والشوكاني في "النيل"(٣ - ٨٥) والزرقاني في شرح الموطأ (١ - ٢٦٨):
إن التحديد بخمسة عشر يوماً مروي عن ابن عباس وعن ابن عمر كليهما دون ابن عمر فقط، فقد روى ذلك الطحاوي عنهما وأبو حنيفة، فما قاله صاحب الهداية وهو- أي مذهبنا- مأثور عن ابن عباس وابن عمر إلخ. لا شك في صحته بعد عزو هؤلاء الأعلام ذلك إليهما، لا سيما الحافظ ابن حجر فإنه لم يكن ليعزو القول به إلى ابن عباس رضي الله عنه إلا وقد ثبت ذلك عنه عنده.