للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقول: استدل الشافعي وأحمد بهذه الرواية على مشروعية الخطبة بعد صلاة الكسوف وذهب الحنفية والمالكية إلى أن هذا التذكير كان عارضاً لتصحيح الاعتقاد فلا تسن خطبة للكسوف. وقد أخرج أبو داود (١) رواية ذكر فيها: "ثلاث ركعات، يركع الثالثة ثم يسجد، حتى إن رجالاً يومئذ ليغشى عليهم مما قام بهم، حتى إن سجال الماء لتصب عليهم، يقول إذا ركع: الله أكبر ... وذكر الحديث" وقال في آخره: "يخوِّف بهما عباده، فإذا كسفا فافزعوا إلى الصلاة".

وله في أخرى (٢) قال: كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فقام، فحزرت قراءته، فرأيت أنه قرأ سورة البقرة ... وساق الحديث، ثم سجد سجدتين، ثم قام فأطال القراءة، فحزرت قراءته، فرأيت أنه قرأ سورة آل عمران .. " وساق الحديث من لفظ أبي داود.

أقول: في الروايات التي مرت معنا رأينا ثلاث صيغ لصلاة الكسوف، صيغة ابن الزبير: التي قال عنها أخوه عروة أنه أخطأ السنة أي صلاها كصلاة الفجر، وابن الزبير خليفة راشد فاجتهاده عندنا أقوى من اجتهاد أخيه، فعمله يدل على أن صلاة الكسوف تصلى كما تصلى صلاة الفجر بركوع واحد وسجدتين في كل ركعة وهو الذي أخذ به الحنفية.

والصيغة الثانية: أن يركع في كل ركعة مرتين، وأن يقرأ قبل الركوع الأول وقبل الركوع الثاني ثم يسجد سجدتين كالعادة.

والصيغة الثالثة: أن يركع ثلاث ركوعات في الركعة الواحدة ويقرأ ثلاث مرات في كل ركعة ثم يسجد سجودين. وقد رأينا أن الحنابلة يجيزون أن يركع في الركعة الواحدة خمس ركوعات، قبل كل ركوع قراءة، ويعتبرون كلاً سنة والأمر واسع، وقد لاحظنا من الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم خطب بعد صلاة الكسوف، والفقهاء على رأيين في هذا


(١) أبو داود (١/ ٣٠٦) كتاب الصلاة، باب صلاة الكسوف.
(٢) أبو داود (١/ ٣٠٩) كتاب الصلاة، باب القراءة في صلاة الكسوف.
(سجال) السجال: جمع سجل، وهو الدلو إذا كان فيه ماء، قل أو كثر، ولا يقال له وهو فارغ: سجل، ولفظه مذكر، والدلو مؤنثة، هكذا قال الجوهري. وقال الأزهري: السجل: أعظم ما يكون من الدلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>