للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكبار الصحابة يشرفون عليه، ويعاونونه في هذا المشروع الجلل، حتى تمَّ لهم ما أرادوا {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.

دستور أبي بكر في كتابة الصحف:

وانتهج زيد في القرآن طريقةً دقيقة مُحكمة وضعها له أبو بكر وعمر، فيها ضمان لحياطة كتاب الله بما يليق به من تثبت بالغ وحذر دقيق، وتحريات شاملة، فلم يكتف بما حفظ قلبه، ولا بما كتب بيده، ولا بما سمع بأذنه. بل جعل يتتبَّع ويستقصي آخذاً على نفسه أن يعتمد في جمعه على مصدرين اثنين: أحدهما: ما كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والثاني: ما كان محفوظاً في صدور الرجال. وبلغ من مبالغته في الحيطة والحذر أنه لم يقبل شيئاً من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدْلان أنه كُتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد قوبلت تلك الصحف التي جمعها زيدٌ بما تستحقُّ من عناية فائقة، فحفظها أبو بكر عنده. ثم حفظها عمر بعده. ثم حفظتها أمُّ المؤمنين حفصة بنت عمر بعد وفاة عمر حتى طلبها منها خليفة المسلمين عثمان رضي الله عنه، حيث اعتمد عليها في استنساخ مصاحف القرآن. ثم ردّها إليها كما يأتيك بيانه إن شاء الله.

مزايا هذه الصُّحف:

وامتازت هذه الصحف.

أولاً: بأنها جمعت القرآن على أدقِّ وجوه البحث والتحرِّي، وأسلم أُصول التثبُّت العلمي، كما سبق شرحه لك في الدستور السابق.

ثانياً: أنه اقْتُصِرَ فيها على ما لم تُنسخ تلاوته.

ثالثاً: أنها ظفرت بإجماع الأمة ليها، وتواتُر ما فيها. ولا يطعن في ذلك التواتر ما مرَّ عليك من أن آخر سورة براءة لم يوجد إلا عند أبو خزيمة، فإن المراد أنه لم يوجد مكتوباً إلا عنده، وذلك لا ينافي أنه وُجد محفوظاً عند كثرة غامرة من الصحابة بلغت حدَّ التواتر، وقد قلنا غير مرة: إن المعوَّل عليه وقتئذ كان هو الحفظ والاستظهار. وإنما اعتمد على

<<  <  ج: ص:  >  >>