للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سُرِّيَ عنه، قال: خُذوا عنِّي، خُذوا عني، فقد جعل الله لهنَّ سبيلا البِكْر بالبِكْر، جلدُ مائةٍ، ونفيُ سنةٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ، جلدُ مائةٍ والرجمُ.

٢٥٩٠ - * روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} (١) كانوا إذا مات الرجلُ، كان أولياؤه أحقَّ بامرأته، إن شاء بعضهُم تزوجها، وإن شاؤوا زَوَّجوها، وإن شاؤوا لم يزوِّجوها، فهم أحقُّ بها من أهلها، فنزلتْ هذه الآية في ذلك.

وفي أخرى (٢) لأبي داود، قال: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} وذلك أنَّ الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته، فيعضِلُها حتى تموت، أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأحكم الله عن ذلك أي نهي عن ذلك.


= (سُري عنه) أي: كُشف ما نزل به من شدة الوحي.
قال النووي في شرح مسلم- وهو شافعي-: أما قوله صلى الله عليه وسلم "فقد جعل الله لهن سبيلاً" فأشار إلى قوله تعالى: (فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت، أو يجعل الله لهن سبيلاً) فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا هو ذلك السبيل. واختلف العلماء في هذه الآية، فقيل: هي محكمة، وهذا الحديث مفسر لها، وقيل: منسوخة بالآية التي في أول سورة النور، وقيل: إن آية النور في البكرين، وهذه الآية في الثيبين، وأجمع العلماء على وجوب جلد الزاني البكر مائة، ورجم المحصن وهو الثيب، ولم يخالف في هذا أحد من أهل القبلة إلا ما حكى القاضي عياض وغيره عن الخوارج، وبعض المعتزلة، كالنظام وأصحابه فإنهم لم يقولوا بالرجم.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام "البكر بالبكر، والثيب بالثيب" فليس هو على سبيل الاشتراط بل حد البكر: الجلد والتغريب، سواء زنا ببكر أم بثيب، وحد الثيب: الرجم، سواء زنا بثيب أم ببكر، فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب.
واعلم أن المراد بالبكر من الرجال والنساء: من لم يجامع في نكاح صحيح، وهو بالغ عاقل سواء جامع بوطء شبهة أو نكاح فاسد أو غيرهما أم لا، والمراد بالثيب: من جامع في دهره مرة في نكاح صحيح، وهو بالغ عاقل حر، والرجل والمرأة في هذا سواء، وسواء في هذا كله: المسلم والكافر، والرشيد والمحجور عليه لسفه.
٢٥٩٠ - البخاري (٨/ ٢٤٥) ٦٥ - كتاب التفسير، ٦ - باب (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ...) الآية.
أبو داود (٢/ ٢٣٠، ٢٣١) كتاب النكاح، باب قوله تعالى (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن).
(١) النساء: ١٩.
(٢) أبو داود (٢/ ٢٣١) نفس الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>