للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيِّنْ لنا في الخمر بيان شفاءٍ" فنزلت التي في النساء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (١) فدُعِيَ عمر، فقُرِئَت عليه، فقال: اللهم بَيِّنْ لنا في الخمر بيان شفاءٍ، فنزلت التي في المائدة: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (٢) فدُعي عمرُ فقُرئتْ عليه، فقال: انتهينا، انتهينا.

إلا أن أبا داود زاد بعد قوله (وأنتم سكارى): فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة ينادي: ألا لا يقْرَبَنَّ الصلاة سكرانٌ.

وعنده: انتهينا، مرة واحدة.

٢٦٣٣ - * روى مسلم عن (ابن مسعودٍ) لما نزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٣) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قِيلَ لي أنت منهم". وللترمذي (٤): قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت منهم".

أقول: إن كثرة الطعام المباح والشراب المباح يؤثر على سير السائرين إلى الله عز وجل، فالأصل أن ينتقل الإنسان من تقوى وإيمان وعمل صالح إلى مزيد من التقوى والإيمان، ثم إلى تقوى وإحسان فما دام الإنسان ينتقل في مراتب الكمال فلا جناح عليه فيما طعم من المباحات، أما إذا صرفه الاستغراق في المباح عن السير في مراتب الكمال فإنه يدخل في هذه الحالة في دائرة المخالفة للأدب وفي دائرة خلاف الأولى، وقد يدخل في دائرة الأمراض القلبية من بطر وأشر وغفلة، وقد يدخل في دائرة الإسراف، فعل المسلم أن ينتبه إلى ذلك، فلا يصرفه الطعام والشراب عن الارتقاء في مراتب الكمال وقوله عليه الصلاة والسلام لابن مسعود (أنت منهم) إشارة إلى أن ابن مسعود من الناس الذين لا يصرفهم طعام مباح عن التوجه الحق لله تعالى، والقيام بحقوقه، وأكثر الخلق عن هذا


(١) النساء: ٤٣.
(٢) المائدة: ٩١.
٢٦٣٣ - مسلم (٤/ ١٩١٠) ٤٤ - كتاب فضائل الصحابة، ٢٢ - باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه (رضي الله عنها).م
(٣) المائدة: ٩٣.
(٤) الترمذي (٥/ ٢٥٥) ٤٨ - كتاب التفسير، ٦ - باب ومن سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>