للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولبكيْتُمْ كثيراً". قال: فغطَّى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم، ولهم خَنينٌ، فقال رجلٌ: من أبي؟ قال: فلانٌ، فنزلتْ هذه الآية: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (١).

وفي رواية أخرى (٢): أخرى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغتِ الشمسُ، فصلَّى الظُّهرَ، فقام على المنبر فذكر الساعة، وذكر أن فيها أمُوراً عظاماً، ثم قال: "من أحبَّ أن يسأل عن شيءٍ فليسألْ، فلا تسألوني عن شيءٍ إلا أخبرتُكم، ما دمتُ في مقامي"، فأكثر الناسُ البكاء، وأكثر أن يقول: "سَلُوا" فقام عبد الله بن حُذافة السَّهْميُّ، فقال: من أبي؟ فقال: أبوكَ حُذافةُ، ثم أكثر أنْ يقول: "سلُوني"، فبرك عمر على رُكبتيه، فقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبيًّا، فسكت، ثم قال: "عُرِضَتْ عليَّ الجنةُ والنارُ آنفاً في عُرْضِ هذا الحائط، فلم أرَ كاليوم في الخير والشرِّ"- قال: ابن شهابٍ: فأخبرني عبيدُ الله بن عبد الله بن عتبة قال: قالتْ أُمُّ عبد الله بن حُذافة لعبد الله بن حُذافة: ما سمعتُ قطُّ أعَقَّ منك، أمِنْتَ أن تكون أُمُّكَ قارفَتْ بعض ما يُقارفُ أهل الجاهلية فتفْضحَها على أعين الناس؟ فقال عبد الله بن حُذافة: لو ألحقني بعبد أسود للحِقْتُهُ.

وفي أخرى (٣) قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيءٌ، فخطب، فقال: "عُرِضَتْ عليَّ الجنةُ والنارُ، فلم أرَ كاليومِ في الخير والشرِّ، ولو تعلمون ما أعلمُ لضحكْتُم قليلاً، ولبكيتُم كثيراً"، قال: فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومٌ أشدُّ منه، قال: غطَّوْا رؤوسهم، ولهم خنينٌ- ثم ذكر قيام عُمَرَ وقوله، وقول الرجل: مَنْ


= مسلم (٤/ ١٨٣٢، ١٨٣٣) ٤٣ - كتاب الفضائل، ٣٧ - باب توقيره صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه ... إلخ.
(١) المائدة: ١٠١.
(٢) مسلم نفس الموضع السابق.
(٣) مسلم نفس الموضع السابق.
(آنفاً) فعلتُ الشيء آنفاً، أي: الآن.
(الخنين) بالخاء المعجمة، شبيه بالبكاء مع مشاركة في الصوت من الأنف.
(عُرْض) عُرضُ الشيء: جانبه.
(المقارفة): ههنا الزنا، وفي الأصل الكسب والعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>