للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرسل بني إسرائيل، فإذا مضت أخلفَ مواعيدهُ وقال: هل يستطيع ربك [أنْ] يصنع غير هذا؟ فأرسل الله عليه وعلى قومه الطوفان والجراد والقُمل والضفادع والدم آياتٍ مفصلاتٍ. كل ذلك يشكو إلى موسى ويطلب إليه أن يكُفها عنه، ويوافقه أن يرسل معه بني إسرائيل. فإذا كُفَّ ذلك عنه أخلف موعده ونكث عهده حتى أمر بالخروج بقومه، فخرج بهم ليلاً، فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا، أرسل في المدائن حاشرين يتبعهم بجنودٍ عظيمةٍ كثيرةٍ. فأوحى الله إلى البحر: أن إذا ضربك عبدي موسى بعصاه فانفرق اثنى عشر فرقاً حتى يجوز موسى ومن معه، ثم التق على من بقي بعده من فرعون وأشياعه. فنسي موسى أن يضرب البحر بالعصا، فانهى إلى البحر وله قصيفٌ مخافة أن يضربه موسى بعصاه وهو غافلٌ فيصير عاصياً.

فلما تراءى الجمعان وتقاربا، قال قوم موسى {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} (١)، افعلْ ما أمرك ربك فإنك لن تُكْذَب ولن تَكْذِبَ. فقال: وعدني إذا أتيتُ البحر أن يُفْرَق لي اثني عشر فرقاً حتى أجاوزه ثم ذكر بعد ذلك العصا، فضرب البحر بعصاه فانفرق له حين دنا أوائل جند فرعون من أواخر جند موسى فانفرق البحر كما أمره ربه وكما وعد موسى. فلما أن جاوز موسى وأصحابه كلهم، ودخل فرعون وأصحابه، التقى عليهم كما أمر الله.

فلما أن جاوز موسى البحر قالوا: إنا نخافُ أن لا يكون فرعون غرق فلا نؤمن بهلاكه، فدعا ربه فأخرجه له ببدنه حتى استيقنوا بهلاكه.

ثم مرُّوا على قومٍ يعكفون على أصنام لهم {قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٢). قد رأيتم من العبر وسمعتم ما يكفيكم. ومضى فأنزلهم موسى منزلاً ثم قال لهم: أطيعوا هارون فإني قد استخلفته عليكم، وإني ذاهبٌ إلى ربي، وأجلهم ثلاثين يوماً أن يرجع إليهم.


= (القصيف): صوت هائل يشبه صوت الرعد.
في القرطبي: يخافون: قرأ مجاهد وابن جبير يخافون. أقول: وهي ليست من القراءات السبع ولا من العشر. أما عن الرجلين في قوله (قال رجلان من الذين يخافون) الذي عليه جمهور المفسرين أنهما من قوم موسى.
(١) الشعراء: ٦١.
(٢) الأعراف: ١٣٨ - ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>