للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأُشِّرب فرقة في قلوبهم التصديق بما قال السامري في العجل وأعلنوا التكذيب به.

فقال لهم هارون: {يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ} (١) ليس هكذا.

قالوا: فما بال موسى وعدنا ثلاثين يوماً، ثم أخلفنا؟ هذه أربعون قد مضت، فقال سفاؤهم: أخطأ ربه فهو يطلبه ويتبعه.

فلما كلم الله موسى وقال له ما قال، أخبره بما لقي قومه من بعده {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} (٢) فقال لهم ما سمعتم في القرآن: {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} وألقى الألواح، ثم أنه عذر أخاه واستغفر له وانصرف إلى السامري فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: قبضت قبضةً من أثر الرسول وفطنتُ لها، وعميتُ عليكم فقذفتها {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} (٣). ولو كان إلهاً لم تخلُصْ إلى ذلك منه، فاستيقن بنو إسرائيل، واغتبط الذين كان رأيهم فيه مثل رأي هارون: وقالوا - جماعتهم - لموسى: سل لنا ربك أن يفتح لنا باب توبةٍ نصنعها فتُكَفِّر لنا ما عملنا. فاختار قومه سبعين رجلاً لذلك - لإتيان الجبل - ممن لم يشرك في العجل. فانطلق بهم ليسأل لهم التوبة، فرجفت بهم الأرض، فاستحيا نبي الله من قومه ووفده حين فُعِل بهم ما فُعِلَ فقال: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} (٤). وفيهم من كان الله اطلع على ما أُشْرِبَ من حب العجل إيماناً به، فلذلك رجفت بهم الأرض فقال: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} (٥) فقال: رب سألتك التوبة لقومي فقلت: إن رحمتك كتبتها لقوم غير قومي، فليتك أخرتني حتى تُخرجني حياً في أمةِ ذلك الرجل المرحومة. فقال الله عز وجل له: إن توبتهم أن يقتُل كل رجلٍ منهم كل من لقي من والدٍ وولدٍ فيقتله بالسيف لا يبالي من قتل في ذلك


(١) طه: ٩٠.
(٢) الأعراف: ١٥٠.
(٣) طه: ٩٦ - ٩٧.
(٤) الأعراف: ١٥٥.
(٥) الأعراف: ١٥٦ - ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>