للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وللبخاري (١) من رواية الجعْد عن أنسٍ، قال: مر بنا أنسٌ في مسجد بني رفاعة، فسمعته يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ بجنباتِ أم سُليم دخل [عليها] فسلَّم عليها، ثم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب، فقالت لي أمُّ سُليم: لو أهدينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية؟ فقلت لها: افعلي، فعمدتْ إلى تمرٍ وسمنٍ وأقطٍ، فاتخذتْ حيسةً في بُرمةٍ، فأرسلت بها معي إليه، فانطلقتُ بها إليه، فقال [لي]: ضعها، ثم أمرني، فقال: "ادعُ لي رجالاً سماهم، وادعُ لي من لقيت"، قال: ففعلتُ الذي مرني، فرجعتُ، فإذا البيت غاصٌّ بأهله، ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يدهُ على تلك الحيسةِ، وتكلم بما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرةً، يأكلون منه، ويقول لهم: "اذكروا اسم الله، وليأكل كل رجل مما يليه"، حتى تصدعُوا كلهم، فخرج من خرج، وبقي نفرٌ يتحدثون، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم نحو الحُجراتِ، وخرجتُ في إثره، فقلت: إنهم قد ذهبوا، فرجع فدخل البيت وأرخى الستر، وإني لفي الحجرة، وهو يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (٢).

وقال الجعد: قال أنسٌ: إنه خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين.

ولمسلم (٣) من رواية الجعدِ أيضاً قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أمُّ سُليم حيساً، فجعلته في تورٍ، فقالت: يا أنس، اذهبْ بهذا إلى رسول الله صلى الله لعيه وسلم، فقل: بعثتْ بهذا إليك أمي، وهي تُقرئك السلام وتقول: إن هذا لك منا قليلٌ، فقال: "ضعْهُ"، ثم قال: "اذهب فادعُ لي فلاناً وفلاناً وفلاناً ومن لقيت"،


(١) البخاري (٩/ ٢٢٦، ٢٢٧) ٦٧ - كتاب النكاح، ٦٤ - باب الهدية للعروس.
(٢) الأحزاب: ٥٣.
(٣) مسلم: نفس الموضع السابق ص ١٠٥١، ١٠٥٢.
(بجنبات) جنباتُ البيت: نواحيه.
(أقط) الأقط: لبن مجففٌ يابس صلبٌ.
(حيسة) الحيسة: خليط من تمرٍ وسمنٍ وأقطٍ.
(بُرمة) القدر.
(تور): إناء من نحاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>