للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فدعوتُ من سمى ومن لقيتُ، قال: قلتُ لأنسٍ: عدد كمْ كانوا؟ قال: زُهاء ثلاثمائة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أنسُ، هات التوْرَ"، قال: فدخلوا حتى امتلأت الصُّفة والحُجرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليتحلقْ عشرةٌ عشرة، وليأكلْ كلُّ إنسان مما يليه"، قال: فأكلوا حتى شبعوا، قال: فخرجت طائفة، ودخلت طائفة، حتى أكلوا كلهم، فقال لي: "يا أنس، ارفع"، فرفعتُ، فما أدري حين وضعتُ كان أكثر، أم حين رفعتُ؟ قال: وجلس طوائفُ منهم يتحدثون في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، وزوجته موليةٌ وجهها إلى الحائط، فثقُلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم على نسائه ثم رجع، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجع، ظنوا أنهم قد ثقلوا [عليه]، قال: فابتدروا الباب، فخرجوا كلهم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أرخى الستر، ودخل وأنا جالسٌ في الحجرة، فلم يلبثْ إلا يسيراً، حتى خرج عليَّ، وأنزلت هذه الآية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأهن على الناس: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} إلى آخر الآية، قال الجعد: قال أنسٌ: أنا أحدثُ الناس عهداً بهذه الآيات، وحُجبن نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي أخرى (١) للبخاري قال: بنى النبي صلى الله عليه وسلم بزينب، فأوْلَم بخبزٍ ولحمٍ، فأُرسلْتُ على الطعام داعياً، فيجيء قومٌ فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قومٌ فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحداً أدعو، فقلت: يا نبي الله، ما أجد أحداً أدعو، قال: "ارفعوا طعامكم" وبقي ثلاثة رهطٍ يتحدثون في البيت، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: "السلام عليكم أهل البيت ورحمةُ الله وقالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك؟ بارك الله لك، فتقرَّى حُجر نسائه كلهنَّ، يقول لهن كما يقول


(١) البخاري (٨/ ٥٢٧، ٥٢٨) ٦٥ - كتاب التفسير، ٨ - باب (لا تدخلوا بيوت النبي ..).
(زُهاء) يقال: القوم زهاء مائةٍ، أي: قدر مائة.
(تصدعوا) أي: تفرقوا.
(ليتحلق) التحلق: أن يصير القوم حلقة مجتمعة.
(أولم) الوليمة: طعام العرس.
(فتقرى) تقرى: مثل استقرى، أي: تتبع شيئاً فشيئاً.
(إناهُ) الإنا مقصور: النُّضج.

<<  <  ج: ص:  >  >>