للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فجمح موسى عليه السلام بإثره، يقول: ثوبي حَجَرُ، ثوبي حجرُ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى سوأة موسى. فقالوا: والله ما بموسى من بأسٍ، فقام الحجرُ حتى نُظِرَ إليه، قال: فأخذ ثوبهُ، فطفِقَ بالحجر ضرباً، قال أبو هريرة: والله إن بالحجر ندباً - ستةً أو سبعةً - من ضرب موسى بالحجرِ".

وللبخاري (١) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن موسى كان رجلاً حيياً ستيراً، لا يُرى شيءٌ من جلده، استحياءً منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا الستر إلا من عيب بجلده: إما برصٍ، وإما أدْرَةٍ، وإما آفةٍ، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يوماً وحده، فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوه، فأخذ موسى عصاه، وطلب الحجر. وجعل يقول: ثوبي حجرُ، ثوبي حجرُ، حتى انتهى إلى ملأ بني إسرائيل، فرأوه عُرياناً أحسن ما خلق الله، وأبرأهُ مما يقولون، وقام الحجرُ؛ فأخذ بثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه - ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً"- فذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}.

ولمسلم (٢) قال: "وكان موسى رجلاً حيياً، قال: فكان لا يُرى متجرداً، قال: فقالت بنو إسرائيل: إنه آدَرُ، قال: فاغتسل عند مُوَيْهٍ، فوضع ثوبه على حجر، فانطلق الحجر يسعى، واتبعه بعصاه يضربهك ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى وقف على ملأٍ من بني إسرائيل"، فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا


(١) البخاري (٦/ ٤٣٦) ٦٠ - كتاب أحاديث الأنبياء، ٢٨ - باب ٣٤٠٣.
(٢) مسلم (٤/ ١٨٤٢) ٤٣ - كتاب الفضائل، ٤٢ - باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم.
(ثوبي حجرُ): ثوبي منصوب بفعل مضمر تقديره أعطني، حجر: يعني يا حجر.
(فقام الحجر): أي وقف.
(فطفق بالحجر ضربا): أٌول: ضرب الحجر لأنه صدر منه فعل، من يعقل فضربه تأديباً له من شدة غضب على أنه اضطره لأن يراه الناس عرياناً.
(ندباً) الندب: أثر الجُرح إذا لم يرتفع عن الجلد، فشبه به أثر الضرب في الحجر.
(ملأ) الملأ: أشراف الناس إذا كانوا مجتمعين.
(مُويهٍ): تصغير ماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>