للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعلم مطلقاً هو معرفة كل شيء، فهو المقدمة لإقامة الدين أو لإعمار الدنيا وسياستها، وقد مر معنا أن في الإسلام علوماً مفروضة فرض عين على كل مسلم، وهي العلوم التي يطالب بها المسلم للقيام بحق التكليف الرباني عليه، وتختلف من شخص لشخص على حسب الطاقة والمسؤولية. والظروف التي يواجهها، وهناك علوم مفروضة فرض كفاية وهي كل علم اختصاصي مفيد تحتاجه إقامة الدين أو إعمار الدنيا على ضوء الدين، وهذا النوع من العلوم المفروضة فرض كفايةن تُطالب بها الأمة بمجموعها، بمعنى أن على الأمة أن تخرج من أبنائها مَنْ يغطون احتياجاتها في كل علم من العلوم المفروضة فرض كفاية وما أكثر ذلك، وإذا تعين مسلم للقيام بفرض من فروض الكفاية فقد أصبح هذا الفرض في حقه فرض عين فهو آثم إن لم يتعلمه، وأي علم فرطت فيه الأمة فإن الأمة بمجموعها تكون آثمة بسبب ذلك، ويسقط الإثم عمن يبذل استطاعته، ويتأكد الإثم في حق الذي يستطيع ولا يفعل أو لا يبذل جهداً في ذلك، ولعل أهم ما يجب أن ينصب عليه التخطيط للأمة الإسلامية هو أن نُحْصي فروض الكفاية في حق كل بلد وقرية، وفي حق كل قطر أو مجموعة أقطار وفي حق العالم الإسلامي، وفي حق الأمة الإسلامية جميعاً والمسلمين حيث كانوا، ويسار في سياسة تعليمهم لإقامة فروض العين وفروض الكفاية، نقول هذا للتأكيد على أن الإسلام قد حضَّ على العلوم الدينية والعلوم الدنيوية وطالب أهل ذلك أن يخلصوا في كل العلوم لله عز وجل، وعندئذ تصبح العلوم كلها أخروية.

* * *

ولكن من طبيعة العلوم الدنيوية أن ترى الناس مندفعين إليها وعاكفين عليها.

ثم إن العلوم الدنيوية ذات نفع محسوس وبالتالي فنها تغري وتخدع وتغر، ومن ثم انصبت النصوص على الحضِّ على العلوم الدينية حتى لا يظن الظان أن العلوم الدنيوية هي الأفضل، بل العلوم الدينية هي الأفضل، لأنه إذا قام الدين قامت الدنيا، وإذا لم يقم فلا دين ولا دنيا، فالدين الصحيح هو الذي تقوم به الدنيا قياماً سليماً لأنه هو الذي يحدد الفرائض وهو الذي يعلّم الناس أن يضعوا الأمور في مواضعها ويعرِّف الناس على صيغ العدل الكاملة وبدون ذلك لا تقوم دنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>