للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، فنزلت هذه الآية آية التخيير: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}.

وفيه أنه قال: فلم أزل أحدثه، حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كشر فضحك- وكان من أحسن الناس ثغراً - قال: ونزلتُ أتشبثُ بالجِذْع، وهو جِذْعٌ يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدرُ، ونزل رسول الله كأنما يمشي على الأرض، ما يمسه بيده. فقلت: يا رسول الله، إنما كنت في الغرفة تسعاً وعشرين؟ فقال: إن الشهر يكون تسعاً وعشرين، قال: ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (١) قال: فكنت أنا الذي استنبطتُ ذلك الأمر، فأنزل الله عز وجل آية التخيير.

وفي رواية (٢) للبخاري ومسلم قال ابن عباس: مكثتُ سنةً أريدُ أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيعُ أن أسأله، هيبةً له، حتى خرج حاجاً، فخرجت معه، فلما رجعنا - وكنا ببعض الطريق - عدل إلى الأراك لحاجةٍ له فوقفتُ له حتى فرغ، ثم سرتُ معه، فقلت: يا أمير المؤمنين، من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه؟ فقال: تلك حفصة وعائشة، فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنةٍ، فما أستطيع، هيبةً لك، قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فسلني، فإن كان لي به علم خبرتك به، ثم قال عمر: والله، إن كنا في الجاهلية ما نعُدُّ للنساء أمراً، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم، قال: فبينا أنا في أمرٍ أتأمره، إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا؟ فقلت لها: مالك ولما هاهنا! فيما تكلُّفُك ي أمر أريده! فقالت لي: عجباً لك يابن الخطاب!! ما تريد أن تُراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) النساء: ٨٣.
(٢) البخاري (٨/ ٦٥٧، ٦٥٨) ٦٥ - كتاب التفسير، ٢ - باب (تبتغي مرضاة أزواجك).
مسلم (٢/ ١١٠٨، ١١٠٩، ١١١٠) نفس الموضع السابق.
(تحسر) الغضب، أي: انكشف وزال.
(كشر) عن أسنانه، أي: كشف.
(أتأمره) التأمرُ: تدبرُ الشيء والتفكر فيه، ومشاورة النفس في شأنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>