ولكن كثير بحيث لو أنه صب فيما مساحته عشرة في عشرة، فإنه يملؤه بالشرط المذكور، فبعضهم يعتبره في هذه الحالة كثيراً، وعلى هذا فبئر بضاعة متوافر فيه هذا المعنى، فهو كثير، لا تؤثر فيه نجاسة إلا إذا غيرت لوناً أو طعماً أو رائحة.
والذراع: حوالي ستين سنتمتراً أو أكثر من ستين سنتمتراً بقليل في اصطلاحاتنا الحالية والقلتان تقدران بـ (٢٧٠) لتراً.
وحول تحديد الحنفية للكثير بعشرة أذرع في عشرة اعتراض لبعض المحدثين، قال البغوي في شرح السنة (٢/ ٥٩):
وقدَّر بعض أصحاب الرأي الماء الكثير الذي لا ينجس بأن يكون عشرة أذرع في عشرة أذرع وهذا تحديد لا يرجع إلى أصل شرعي يعتمد عليه.
وحَدَّه بعضهم بأن يكون في غدير عظيم بحيث لو حرك منه جانب لم يضطرب منه الجانب الآخر وهذا في غاية الجهالة لاختلاف أحوال المحركين في القوة والضعف) ا. هـ.
أقول: ليس الأمر كما ذكر الشيخ البغوي فإن الحنفية لم يقولوا باديء الأمر أ، هـ عشرة ف عشرة، ولا أنه بحيث لو حرك طرفه لا يتحرك الطرف الآخر.
وإنما في ظاهر الرواية يعتبر فيه رأي المبتلي، وأصح حدَّه ما لا يخلص بعضه إلى بعض في رأي المبتلي واجتهاده ولا يناظر المجتهد فيه، وكان محمد يوقت في ذلك بعشر ثم رجع إلى قول أبي حنيفة، وقال لا أوَقِّت فيه شيئاً فظاهر الرواية أولى.
ولكن منعاً للوسوسة وتوسعة على الناس قدَّره الفقهاء عشرة في عشرة أذرع فهو تيسيرٌ وإن لم يرجع إلى أصل ثم هو يعادل القلتين كما سننقل تحقيقه في كلم صاحب إعلاء السنن بعد قليل. وأما موضوع اختلاف القوة فقد ذكرنا أنها تعتبر بحسب كل شخص هو المبتلي بذلك الماء فلا اعتراض على الحنفية وليس من غايته الجهالة كما قال رحم الله.