الجامع الآخر صح وكره، ويجوز للمعتكف الخروج لحاجة طبيعية أو لحاجة ضرورية، ويفسد اعتكافه بالخروج لعيادة مريض أو تشييع جنازة، وإن تعينت عليه إلا أنه لا يأثم، كما في المرض والأكل والشرب والنوم والعقد المحتاج إليه لنفسه أو عياله كبيع ونكاح ورجعة يكون في معتكفه. فلا بأس بأن يبيع ويبتاع في المسجد من غير أن يحضر السلعة، لأنه قد يحتاج إلى ذلك بأن لا يجد من يقوم بحاجته، لكن يكره تحريماً البيع لتجارة وإحضار المبيع أو السلعة إلى المسجد، ومبايعة غير المعتكف فيه مطلقاً لأن المسجد محرر عن حقوق العباد. وأما الأكل والشرب والنوم لغير المعتكف في المسجد، فمكروه إلا لغريب كما في أشباه ابن نجيم، وقال ابن كمال: لا يكره الأكل والشرب والنوم فيه مطلقاً مقيماً كان أو غريباً، مضطجعاً أو متكئاً، رجلاه إلى القبلة أو إلى غيرها.
وقال الشافعية: إنما يصح الاعتكاف في المسجد، سواء في سطحه أو غيره التابع له، والجامع أولى بالاعتكاف فيه من غيره للخروج من خلاف من أوجبه، وإن نذر أن يعتكف في أحد المساجد الثلاثة تعين، ولزمه أن يعتكف فيه.
والخلاصة: أن المالكية والشافعية يجيزون الاعتكاف في أي مسجد والحنفية والحنابلة يشترطون كونه في المسجد الجامع، ولا يجوز عند الجمهور الاعتكاف في مسجد البيت ويجوز ذلك للمرأة عند الحنفية. ويستحب للمعتكف التشاغل على قدر الاستطاعة ليلاً ونهاراً بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى والاستغفار والفكر القلبي في ملكوت السموات والأرض والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ويندب الاعتكاف في رمضان لاسيما في العشر الأخير من رمضان بالاتفاق.
يندب مكث المعتكف ليلة العيد إذا اتصل اعتكافه بها، ليخرج منه إلى المصلى، فيصل عبادة بعبادة ويجتنب المعتكف كل ما لا يعنيه من الأقوال والأفعال ولا يكثر الكلام لأن من كثر كلامه كثر سقطه. ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش، ولا يتكلم المعتكف إلا بخير، ولا بأس بالكلام لحاجته ومحادثة غيره. ويكره تحريماً عند الحنفية: إحضار المبيع في المسجد، ويكره عقد ما كان للتجارة، ويكره عند الشافعية: الإكثار من اتخاذ موضع للبيع والشراء أو العمل الصناعي والحجامة والفصد إن أمن تلويث المسجد وإلا حرم. ومما يبطل الاعتكاف الخروج بلا عذر شرعي والجماع ليلاً أو نهاراً لأن الوطء في الاعتكاف حرام