للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية (١) أبي داود قال: كنتُ عند عمر، فجاءه رجلٌ، فقال: إنا نكون بالمكان الشهر والشهرين؟ فقال عمر: أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء، قال: فقال عمار: يا أمير المؤمنين، أما تذكُرُ إذ كنتُ أنا وأنت في الإبل، فأصابتنا جنابةٌ، فأما أنا فتمعكتُ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تقول هكذا، وضرب بيديه إلى الأرض، ثم نفخهما، ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع؟ فقال عمر: يا عمار، اتق الله، فقال: يا أمير المؤمنين، إن شئت والله لم أذكره أبداً، فقال عمر: كلا والله، لنولينك من ذلك ما توليتَ.

وهناك روايات متعددة عن عمار وغيره تذكر الذراعين والمرفقين والآباط والمناكب وهي بمجموعها يقوي بعضها بعضاً لذلك ذهب من ذهب من الأئمة إلى وجوب مسح اليدين إلى المرفقين احتياطاً لهذه الروايات وقياساً على الوضوءؤ.

وترجم البخاري لأحد الأبواب بقوله (باب التيمم للوجه والكفين) قال الحافظ:

أي هو الواجب المجزئ، وأتى بذلك بصيغة الجزم مع شهرة الخلاف فيه لقوة دليله، فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه، والراجح عدم رفعه. فأما حديث أبي جهيم فورد بذكر اليدين مجملاً، وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في الصحيحين وبذكر المرفقين في السنن، وفي رواية إلى نصف الذراع، وفي رواية إلى الآباط. فاما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع ففيهما مقال، وأما رواية الآباط فقال الشافعي وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكل تيمم صح للنبي صلى الله عليه وسلم بعده فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به. ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره ولا سيما الصحابي


(١) أبو داود (١/ ٨٨) كتاب الطهارة، ١٢٣ - باب التيمم.
(سرية) السرية: قطعة من الجيش تبلغ أربعمائة ينفذون في مقصد.
(فتمعكتُ) التمعُّك: التمرُّغُ في التراب.
(نوليك ما تلويت) أي: نكِلُك إلى ما قلت، ونرُدُّ إليك ما وليته نفسك، ورضيت لها به.

<<  <  ج: ص:  >  >>