قال ابن حجر في شرحه لحديث:(إنما الأعمال بالنيات ...): وقد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر هذ الحديث: قال أبو عبد الله ليس في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث. واتفق عبد الرحمن بن مهدي والشافعي فيما نقله البويطي عنه وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأبو داود والترمذي والدارقطني وحمزة الكناني على أنه ثلث الإسلام، ومنهم من قال ربعه، واختلفوا في تعيين الباقي. وقال ابن مهدي أيضاً: يدخل في ثلاثين باباً من العلم، وقال الشافعي: يدخل في سبعين باباً، ويحتمل أن يريد بهذا العدد المبالغة. وقال عبد الرحمن بن مهدي أيضاً: ينبغي أن يجعل هذا الحديث رأس كل باب. ووجه البيهقي كونه ثلث العلم بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه، فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها، لأنها قد تكون عبادة مستقلة وغيرها يحتاج إليها، ومن ثم ورد: نية المؤمن خير من عمله، فإذا نظرت إليها كانت خير الأمرين. وكلام الإمام أحمد يدل على أنه أراد بكونه ثلث العلم أنه أحد القواعد الثلاث التي ترد إليها جميع الأحكام عنده، وهي هذا و (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) و (الحلال بين والحرام بين) الحديث ...
ورد في معناه عدة أحاديث صحت في مطلق النية كحديث عائشة وأم سلمة عند مسلم:(يبعثون على نياتهم) وحديث ابن عباس: (ولكن جهاد ونية) وحديث أبي موسى: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) متفق عليهما وحديث ابن مسعود: (رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته) أخرجه أحمد وحديث عبادة: (من غزا وهو لا ينوي إلا عقالاً فله ما نوى) أخرجه النسائي، إلى غير ذلك مما يتعسر حصره، اهـ.
قال النووي رحمه الله في المجموع: فالنية فرض لا تصح الصلاة إلا بها ونقل ابن المنذر في كتابه الأشراف وكتاب الإجماع والشيخ أبو حامد الاسفرايني والقاضي أبو الطيب وصاحب الشامل ومحمد بن يحيى وآخرون إجماع العلماء على أن الصلاة لا تصح إلا بالنية اهـ.
وفي موضوع استصحاب النية إلى انقضاء التكبير عند الشافعية قال النووي رحمه الله: وفيه وجه ضعيف إنه لا يجب واختار إمام الحرمين والغزالي في البسيط وغيره إنه لا يجب التدقيق المذكور في تحقيق مقارنة النية وإنه تكفي المقارنة العرفية العامية بحيث يعد