للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مؤمناً حسنةً، يُعطى بها في الدنيا، ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطْعَمُ بحسناتِ ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكُن له حسنةٌ يُجزى بها.

٢٥٩٧ - * روى البخاري عن سعيد بن جُبير رحمه الله قال: قال رجل لابن عباس إني أجدُ في القرآن أشياء تختلفُ عليَّ، قال: ما هو؟ قال: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} (١)، وقال: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} (٢)، وقال: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} (٣)، وقال: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} (٤)، وقد كتموا في هذه الآية، وفي {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} (٥) فذكر خلْقَ السماء قبل خلق الأرض، ثم قال: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ -إلى قوله- طَائِعِينَ} (٦) فذكر في خلْقَ الأرض قبل خلقِ السَّماء، وقال: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٧) وقال: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (٨) وقال: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (٩) فكأنه كان، ثُمَّ مضى، قال ابن عباسٍ {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} في النفخة في الصور، فيُصْعَقُ مَنْ في السموات ومنْ في الأرض إلا من شاء الله، فلا أنساب بينهم عند ذلك، ولا يتساءلون، ثم في النَّفْخةِ الآخرة: أقْبلَ بعضهم على بعض يتساءلون، وما قوله: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} فإن الله يغفرُ لأهل الإخلاص ذنُوبَهُمْ، فيقول المُشْرِكُ: تعالوا نقولُ: ما كُنَّا مشركين، فيخْتِمُ الله على أفواههمْ، فتنطقُ جوارحهم بأعمالهم، فعند ذلك عُرِفَ أن الله لا يكتمُ حديثاً، وعنده: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} وخلق الأرض في


= النقص، وحقيقة الظلم مستحيلة من الله تعالى.
ومعنى: أفضى إلى الآخرة، صار إليها، وأما إذا فعل الكافر مثل هذه الحسنات ثم أسلم، فإنه يثاب عليها في الآخرة على المذهب الصحيح.
٢٥٩٧ - البخاري (٨/ ٥٥٥، ٥٥٦) ٦٥ - كتاب التفسير، ٤١ - باب سورة "حم" السجدة.
(دحاها) دحا الأرض: بسطها.
(فصعق) صعق الإنسان: إذا غشي عليه. وإذا مات.
(الآكام) جمع أكمة، وهي الروابي الصغار.
(جوارحهم) الجوارح: جمع جارحة، وهي الأعضاء، كاليد والرجل، ونحو ذلك.
(١) المؤمنون: ١٠١.
(٢) الصافات: ٢٧.
(٣) النساء: ٢٤.
(٤) الأنعام: ٢٣.
(٥) النازعات: ٢٧.
(٦) فصلت: ٩ - ١١.
(٧) الأحزاب: ٥٠.
(٨) الفتح: ١٩.
(٩) النساء: ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>