للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية للبخاري (١) ومسلم والنسائي قال سعيد: أمرني عبد الرحمن بن أبْزَى أن أسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين؟ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} فسألته، فقال، لم ينسخها شيء، وعن هذه الآية {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} قال: نزلت في أهل الشرك.

وفي رواية (٢) لأبي داود عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس فقال: لم نزلت التي في الفرقان {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} قال مشركو أهل مكة: قد قتلنا النفس التي حرم الله ودعونا مع الله إلهاً آخر وأتينا الفواحش فأنزل الله {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} فهذه لأولئك، قال: وأما التي في النساء {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} الآية، قال: الرجل إذا عرف شرائع الإسلام ثم قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم لا توبة له، فذكرت هذا لمجاهد، فقال: إلا من نَدِمَ.

ابن عباس يرى أن القاتل العمد لا توبة له مستدلاً بآية النساء معتبراً آية الفرقان نزلت في أهل الشرك أي قبل أن يسلموا يفعلون ما يفعلون فإن أسلموا فإن التوبة حاصلة لهم وقد أنزل الله الآية رداً عليهم إذا قالوا قد قتلنا النفس إلخ ...

والجمهور على أن للقاتل توبة إذ أن في القتل ثلاثة حقوق حق الله وحق القتيل وحق أهل القتيل فحق أهل القتيل يسقط بالقصاص أو الدية، وحق الله تسقطه التوبة إن شاء الله أن يعفو، وحق القتيل يبقى في عنق القاتل فإن شاء الله أرضاه وأدخل القاتل الجنة وإلا فإن القاتل يعذب ما شاء الله أن يعذب ثم يخرج من النار في المآل إذا كان مؤمناً.

قال النووي تعليقاً على جواب ابن عباس أن لا توبة:

واحتج [ابن عباس] بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} هذا هو المشهور عن ابن عباس، وروي عنه: أن له توبة، وجواز المغفرة له،


(١) البخاري (٨/ ٤٩٥) ٦٥ - كتاب التفسير، ٤ - باب (إلا من تاب وآمن ..).
مسلم (٤/ ٢٣١٧) ٥٤ - كتاب التفسير.
النسائي (٧/ ٨٦) ٣٧ - كتاب تحريم الدم، ٢٠ باب تعظيم الدم.
(٢) أبو داود (٤/ ١٠٤، ١٠٥) كتاب الفتن والملاحم، باب في تعظيم قتل المؤمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>