للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} (١) فهذه الرواية الثانية: هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم، وما روي عن بعض السلف، مما يخالف هذا، فمحمول على التغليظ والتحذير من القتل، والتأكيد في المنع منه، وليس في هذه الآية التي احتج بها ابن عباس - تصريح بأنه يُخلد في النار، وإنما فيها جزاؤه، ولا يلزم منه أن يجازى. اهـ.

وقال ابن كثير ١/ ٥٣٧: قال أبو هريرة وجماعة من السلف هذا جزاؤه إن جازاه ...

ومعنى هذه الصيغة أن هذا جزاؤه إن جوزي عليه وكذا كل وعيد على ذنب ... لكن قد يكون لذلك معارض من أعمال صالحة تمنع وصول ذلك الجزاء إليه وعلى قول ابن عباس أنه لا توبة له وعلى قول الجمهور حيث لا عمل صالحاً ينجو به فليس بمخلد فيها بداً بل الخلود هو المكث الطويل وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه يخرج من النار من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان) ... اهـ.

٢٦٠٧ - * روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما سُئل عمنْ قتل مؤمناً متعمداً، ثم تاب وآمن، وعمل صالحاً، ثم اهتدى؟ فقال ابن عباس: فأنَّى له بالتوبة؟ سمعتُ نبيكمْ صلى الله عليه وسلم يقول: "يجيءُ المقتول متعلقاً بالقاتل، تشخَبُ أوداجُهُ دماً، فيقول: أي رَبِّ، سل هذا فيم قتلني؟ " ثم قال: "والله لقد أنزلها الله، ثم ما نسخها".

وفي رواية (٢) له أيضاً وللترمذي: أن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجيء المقتولُ بالقاتل يوم القيامة، ناصيته ورأسه بيده، وأوداجُهُ تشخَبُ دماً، يقول: يا ربِّ، قتلني هذا، حتى يدنيَهُ من العرش"، قال: فذكروا لابن عباس التوبة، فتلا هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} قال: ما نُسختْ هذه الآيةُ، ولا بُدِّلَتْ، وأنَّى له التوبة؟!.


(١) النساء: ١١٠.
٢٦٠٧ - النسائي (٧/ ٨٥) ٣٧ - كتاب تحريم الدم، ٢ - تعظيم الدم.
(٢) النسائي (٧/ ٨٧) نفس الموضع السابق.
الترمذي (٥/ ٢٤٠) ٤٨ - كتاب تفسير القرآن، ٥ - باب "ومن سورة النساء" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وإسناده قوي، وأخرجه أحمد.
(تشخبْ) أي تسيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>