للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التحصن-: أن تكون هي مريدة للزنا بإنسان، فيكرهها على الزنا بغيره، فكله حرام.

أقول: أراد النووي بكلامه أن يزيل التباساً يمكن أن يقع فيه بعض الناس، وهو جواز الزنا للأمة التي لا تريد التحصن، وليس المراد ذلك وإنما نزلت الآية لتجيب على واقعة بعينها فهي كقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} فالربا كبيره وصغيره محرم، والزنا في كل الحالات محرم، ولكن الآيتين نزلتا لتعالجا واقعتين قائمتين فذكرتهما على الوجه الواقع، وتحريم الربا والزنا جاء بشكل مطلق في آيات أخرى.

٢٧٧٠ - * روى الطبراني في الأوسط عن أبيِّ بن كعبٍ قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة فنزلت: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} (١).

٢٧٧١ - * روى أبو داود عن عكرمة بن أبي جهلٍ (رضي الله نه) أن نفراً من أهل العراق قالوا: يا ابن عباس، كيف ترى في هذه الآية التي أُمرنا بها ولا يعملُ بها أحدٌ؟ قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية (٢) فقال ابن عباس: إن الله حليمٌ رحيمٌ بالمؤمنين، يُحبُّ الستر. وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجالٌ، فربما دخل الخادم، أو الولد، أو يتيمة الرجل، والرجل على أهله، فأمرهم الله تعالى بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالسُّتُور والخير، فلم أر أحداً يعمل بذلك بعدُ.

وفي رواية (٣) عن ابن عباس: أنه سُمع يقول: لم يؤمر بها أكثر الناس: آية الإذن، وإني لآمرُ جاريتي هذه تستأذنُ عليَّ".


٢٧٧٠ - مجمع الزوائد (٧/ ٨٣) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
(١) النور: ٥٥.
٢٧٧١ - أبو داود (٤/ ٣٤٩) كتاب الأدب، باب الاستئذان في العورات الثلاث.
(٢) النور: ٥٨.
(٣) نفس الموضع السابق، وسنده حسن.
(حجال) ج حجلة: بيت كالقبة يستر بالثياب.

<<  <  ج: ص:  >  >>