قريباً في الدعوات ما فيه أبلغ كفاية، وبالله التوفيق.
وروينا في رسالة الإمام أبي القاسم القشيري رضي الله عنه قال: اختلف الناس في أن الأفضل الدعاء أم السكوت والرضا؟ فمنهم من قال: الدعاء عبادة للحديث السابق "الدعاء هو العبادة" ولأن الدعاء إظهار الافتقار إلى الله تعالى. وقالت طائفة: السكوت والخمود تحت جريان الحكم أتم، والرضا بما سبق به القدر أولى. وقال قوم: يكون صاحب دعاء بلسانه ورضا بقلبه ليأتي بالأمرين جميعاً. قال القشيري: والأولى أن يقال الأوقات مختلفة، ففي بعض الأحوال الدعاء أفضل من السكوت وهو الأدب، وفي بعض الأحوال السكوت أفضل من الدعاء وهو الأدب، وإنما يعرف ذلك بالوقت، فإذا وجد في قلبه إشارة إلى الدعاء فالدعاء أولى به، وإذا وجد إشارة إلى السكوت فالسكوت أتم. قال: ويصح أن يقال ما كان للمسلمين فيه نصيب، أو لله سبحانه وتعالى فيه حق، فالدعاء أولى لكونه عبادة، وإن كان لنفسك فيه حظ فالسكوت أتم. قال: ومن شرائط الدعاء أن يكون مطمعه حلالاً. وكان يحيى بن معاذ الرازي رضي الله عنه يقول:"كيف أدعوك وأنا عاصٍ؟ وكيف لا أدعوك وأنت كريم"؟
ومن آدابه حضور القلب، وسيأتي دليله إن شاء الله تعالى. وقال بعضهم: المراد بالدعاء إظهار الفاقة، وإلا فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء.
وقال الغزالي:"فإن قيل فما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له؟، فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فالدعاء سبب لرد البلاء ووجود الرحمة، كما أن الترس سبب لدفع السلاح، والماء سبب لخروج النبات من الأرض فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان، فكذلك الدعاء والبلاء، وليس من شرط الاعتراف بالقضاء أن لا يحمل السلاح، وقد قال الله تعالى (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) فقدر الله تعالى الأمر وقدر سببه.
٧ - يستحب دعاء الإنسان لمن أحسن إليه، قال النووي رحمه الله:
روينا في الترمذي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.