للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشافعي بذكر من يقول من أهل المدينة ومكة والعراق ببيعه ثم يقول -رحمه الله-:

وقول أكثر التابعين ببيعه فكيف ادعيت فيه الأكثر والأكثر ممن مضى عليك,. مع أنه لا حجة لأحدٍ مع السنة (١) .. اهـ.

ثانيًا: الاعتناء بنقل أقوال الجمهور ومذاهبهم، فقل أن ترى مصنفًا في فقه المذاهب إلا وصاحبه مهتم بنقل قول الجمهور في المسائل التي فيها قول، ابتداءً بالإمام الكبير أبي بكر ابن المنذر النيسابوري في القرن الثالث الهجري وانتهاءً بما يعلمه الله تعالى من عمر هذه الدنيا وبقاء علوم الفقه والشريعة، ومرورًا بالإمام الماوردي وابن عبد البر وابن رشد والقرطبي والقاضي عياض والخطابي والبغوي وابن قدامة والنووي والحافظ ابن حجر العسقلاني والبدر العيني والشوكاني وغيرهم كثير وكثير رحمهم الله تعالى وحشرنا في زمرتهم آمين.

ثالثًا: قد ذكرت فيما مضى تنويهًا اختلاف الأصوليين والفقهاء في الاحتجاج بقول جمهور العلماء، أو بانعقاد الإجماع مع مخالفة العدد اليسير من الفقهاء، فالذي عليه جمهور الأصوليين والفقهاء: أن الإجماع لا ينعقد ولو مع مخالفة المجتهد الواحد الموجود في عصر الأكثرين، وهو مذهب جماهير أصحاب أئمة المذاهب الأربعة، وذهب الغزالي -رحمه الله- إلى غير هذا، قال -رحمه الله-: والمذهب انعقاد إجماع الأكثر مع مخالفة الأقل.

ونقل الآمدي مذهب الغزالي عن محمَّد بن جرير الطبري وأيي الحسين الخياط، وألمح إلى هذا الشيخ أبو محمَّد الجويني والد إمام الحرمين، لكن مراده والله تعالى أعلم إجماع الأكثر مع عدم العلم بالأقل الذي خالف، قال -رحمه الله- تعالى: والشرط أن يجمع جمهور تلك الطبقة ووجوههم ومعظمهم، ولسنا نشترط قول جميعهم، وكيف نشترط ذلك وربما يكون في أقطار الأرض من المجتهدين من لم نسمع به فإن السلف الصالح كانوا يعلمون ويتسترون بالعلم (٢).

ونقل عن ابن الحاجب أن إجماع الأكثر حجة، ولكنه ليس إجماعًا، وحكى الآمدي أن المخالفين للأكثر إذا بلغوا عدد التواتر قدح في الإجماع، وإلا فلا، وذكره بعضهم عن ابن جرير في الصحيح من معنى قوله في هذه المسألة، وقيل: إجماع الأكثر أولى وليس


(١) انظر معرفة السنن والآثار في ج ٧ ص ٥٢٨.
(٢) قال: كذا بالأصل ولعلَّ صوابه بالعمل أو بالخمول. قلت: ومعنى العبارة أن السلف - رضي الله عنهم - كانوا يكرهون التظاهر والاستعلان بالعلم خوفًا من المباهاة والتنافس على الدنيا والرياء

<<  <  ج: ص:  >  >>