للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[أهمية اتفاق أكثر أهل العلم أو "قول الجمهور"]

لقد ذكرت فيما مضى أن "اتفاق أكثر أهل العلم" لا يُعتبر إجماعًا عند أكثر الأصوليين والفقهاء، وهو كذلك. إلا أن هذا لا يقلل من شأن قولهم، بل إنه في حقيقته يعزز من مكانته ولو لم يكن لقول "الجمهور" إلا اختلاف العلماء في اعتباره إجماعًا لكفى، فكيف إذا عرف القارئ ما لقول "الجمهور" من أهمية وفضل فوق هذا الذي ذكرناه. فلا أظنه يعجب بعد ذلك من إنفاقنا الوقت والجهد والمال لتأليف هذه الموسوعة المباركة.

موسوعة مسائل "الجمهور" صلة وصلٍ بين الأصول وبين الفروع

إن المستقرأ لأحكام الشريعة يجد أنها تنقسم إلى قسمين رئيسين: أصول مجمع عليها، وفروع مختلف فيها، ويجد كذلك أن الفروع المختلف فيها تنقسم إلى قسمين: فروع أشتد فيها الخلاف (١)، وفروع ضعف فيها الخلاف (٢)، وهذا القسم الأخير يضعف فيه الخلاف ويضيق حتى يقترب جدّا من مسائل الإجماع. وقد لا يكون هذا فتبقى المسألة أقرب إلى مسائل الخلاف، وهذا هو بكل تبسيط واستقراء حال مسائل الجمهور التي قمنا بجمعها في هذه الموسوعة المباركة إنها أشبه ما تكون بالمواد الضرورية لحماية هيكل البناء أو العمران فلا هي هيكل وقواعد وأعمدة، ولا هي في الوقت نفسه تزويق أو تزيين أو كماليات للبناء لكنها بين ذلك وذاك من غير أن يستغنى واحد منهما عنها.

مسائل الجمهور وأمهات مسائل الفقه الإِسلامي

للفقه مسائل هي قوامه وأصله، عليها وعلى أساسها قام التشريع الإِسلامي، وعليها وعلى تفريعاتها جرى معظم جهد الفقهاء وأئمة العلم، هذه المسائل تُسمى عند العلماء بـ "أمهات مسائل الفقه" وهي مسائل تتناول أبواب الفقه من أولها إلى آخرها عبادات ومعاملات، وهذه المسائل في حقيقتها تمثل المادة الخام التي تشكلت منها تصورات


(١) يعني تحددت في المسألة الأقوال وكثر عدد المختلفين في كل فريق.
(٢) يعني انحصرت في المسألة الأقوال وقيل عدد المخالفين للأكثرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>