(٢) اختلف العلماء في الحاكم إذا قام في نفسه من العلم ما يقطع بكذب أحد الخصمين أو صدقه، كأن يرى بعينه أو يسمع بأذنه وذلك دون أن تقوم عنده بينة من أحد الخصمين ولا يمين؛ فهل له أن يحكم بعلمه أو لا بد من إعمال أحكام القضاء من سماع الدعاوي والبينات والشهود واليمين إلى غير ذلك؟ ذهب إلى منع الحاكم من الحكم بعلمه شريح والشعبي ومالك وإسحاق وأبو عبيد ومحمد بن الحسن والشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين. وأجاز ذلك أبو يوسف وأبو ثور والشافعي في قوله الآخر وأحمد في رواية. وفصل في ذلك أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى فقال ما كان من حقوق الله تعالى فلا يحكم فيه بعلمه مطلقًا، وما كان من حقوق الآدميين فيحكم به إذا علم به اثناء ولايته أما قبل ولايته فلا. انظر مغ ج ١١ ص ٤٠٠ بداية ج ٢ (ص ٥٦٩). وانظر اختلاف أهل العلم في إقامة الحاكم الحدًّ بعلمه في الإشراف ح ٢ (ص ١٩). وانظر ما ذكره النووي في مسأله إقامة السيد الحد على أمته. فهي متعلقة بهذا الباب. شرح ج ١١ (ص ٢١١).