(٢) قلت: هذا المنقول عن أبي حنيفة لا يصح. فإن أصحاب أبي حنيفة وأهل مذهبه أدرى بمذهبه من غيرهم، والثابت عن أبي حنيفة -رحمه الله- تعالى من قوله ومذهبه أن الدم يجب على من أخلَّ بالترتيب عامدًا مع علمه بوجوب الترتيب أما الجاهل بحكم الترتيب أو الناسي فلا دم عليه. إلا أن يكون قارنًا أو متمتعًا فحلق قبل أن يذبح فعليه دم. وقد نقل هذا الذي ذكرته الإِمام محمَّد بن الحسن في كتاب الحجة على أهل المدينة وفي موطأه (يعني موطأ الأمام محمَّد). وقد غلط كثيرون في نسبة خلاف ما أثبته هنا إلى أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- فليعلم. راجع الحجة على أهل الدينة ج ٢ ص ٣٧١. انظر في هذه المسألة: بداية ج ١ ص ٤٦٦. الحاوي ج ٤ ص ١٨٦. وذكر ما قلته هنا واضحًا الإمام النووي عند نقله لمذاهب العلماء في هذه المسألة وذكر هو وغيره على أن من قدم الطواف على سائر الأعمال المشروعة في هذا اليوم أو قدم الذبح على سائرها أعني بعد دخول وقت الذبح أو قدم الحلق على الذبح إن كان مفردًا أو طاف ثم حلق ثم رمى فكل ذلك جائز. وحكى ابن رشد عن ابن عباس أنه كان يقول: من قدم من حجه شيئًا أو أخَّر فليهرق دمًا وأنه من قدم الإفاضة قبل الرمي والحلق أنه يلزمه إعادة الطواف. قال ابن رشد: وقال الشافعي ومن تابعه لا إعادة عليه. وقال الأوزاعي: إذا طاف للإفاضة قبل أن يرمي جمرة العقبة ثم واقع أهله: أهرق دمًا. وحكى النووي عن مالك فيمن قدم الحلق على الرمي لزمه دم ولو قدم الحلق على الذبح فلا شيء عليه. وعن أحمد فيمن قدمه (الحلق) على الذبح أو الرمي جاهلًا أو ناسيًا فلا دم وإن تعمد ففي وجوب الدم روايتان. وعن مالك فيمن قدم الطواف (الإفاضة) على الرمي روايتان (أحدهما) يجزئه الطواف وعليه دم (والثانية) لا يجزئه. =