للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وهو عينه مذهب من فصل في المسألة وقد ذكرناه قريبًا.

قال الحافظ: وما ادعاه (يعني الزهري) من التأويل ترده الآثار الصريحة عن سعيد ابن المسيب وغيره من مشايخ الزهري في أنهم أرادوا عدم وقوع الطلاق عمن قال إن تزوجت فهي طالق، سواء خصص أم عمم أنه لا يقع، ولشهرة الاختلاف كره أحمد مطلقًا، وقال إن تزوج لا آمره أن يفارق، وكذا قال إسحاق في المعينة. قال البيهقي بعد أن أخرج كثيرًا من الأخبار والآثار الواردة في عدم الوقوع: هذه الآثار تدل على أن معظم الصحابة والتابعين فهموا من الأخبار أن الطلاق أو العتاق الذي علق قبل النكاح والملك لا يعمل بعد وقوعهما. انتهى موضع الغرض من كلام الحافظ، وفي المسألة كلام كثير ليس هذا محل بسطه بل نرجئه إلى الشرح إن شاء الله تعالى (١).

فتح الباري ج ٢٠ (ص: ٥١)، نيل الأوطار ج ٧ (ص: ٢٨) مغ ج ١١ (ص: ٢٣٢).

باب في طلاق الغضبان (٢)

مسألة (١٢٥٤) جمهور أهل العلم على أن من طلق امرأته وكان متغيظًا مغضبًا يدري ما يقول (٣) فإن طلاقه يقع، وكذلك عتقه (٤)، وبه يقول كل من يحفظ عنه من أهل العلم من فقهاء الأمصار وهو مذهب الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى.

وأشار أبو داود في سننه إلى المنع من وقوعه دون تفصيل، وترجم له في باب "الطلاق على غضب" وفي نسخةٍ على "غيظ" (٥) قال الحافظ: وهو مروى عن بعض متأخري الحنابلة، ولم يوجد عن أحدٍ من متقدميهم إلا ما أشار إليه أبو داود.


(١) وقد ذكر الموفق في المغني تفصيلًا لما روي عن أحمد في هذه المسألة، سأذكره في محله هناك في كتاب الأيمان، حيث ذكر المسألة الموفق -رحمه الله- تعالى، وانظر هذه المسألة في الحاوي جـ ١٠ (ص ٢٥).
(٢) راجع فتح جـ ٢٠ (ص ٥٤).
(٣) أما الغضبان الذي لا يدري ما يقول، فذهب جماعة من الفقهاء إلى أنه لا يقع طلاقه، قال ابن القيم: قال شيخنا (يعني ابن تيمية): والإغلاق انسداد باب العلم والقصد عليه، فيدخل فيه طلاق المعتوه والمجنون والسكران والمكره والغضبان الذي لا يعقل ما يقول. اهـ. قلت: ويُسَمَّى عند الأحناف المدهوش الذي دهش عقله بغضب، وغيره فلا يدري ما يقول. نص عليه صاحب البدائع الإِمام الكاساني جـ٣ (ص ١٠٠) وهذا رد على الحافظ في الفتح، فإنه قال بأن هذا لا يعرف عن الحنفية.
(٤) ذكرت هنا العتاق مع أنه غير مناسب للباب، وذلك إشارة إلى الحديث المروى عند أبي داود وغير "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" وفي رواية في غِلاق"، وإسناده ضعيف في إسناده محمَّد بن عبيد بن صالح المكي، وهو ضعيف.
(٥) وفي نسخةٍ "على غلط" وأكثر النسخ "على غضب".

<<  <  ج: ص:  >  >>