للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسائل الجمهور وقول "أكثر الصحابة والتابعين"]

أولًا: لن تجد في الغالب الأغلب قول الجمهور من الفقهاء المجتهدين في الأعصر المختلفة إلا وهو موافق لقول أكثر الصحابة أو التابعين أو قول أكثر الصحابة والتابعين معًا إذا وجد (١) لأكثر هؤلاء رضي الله تعالى عنهم قول في المسألة التي قال بها الجمهور من الفقهاء، وهذا أمر مفروع منه توصلنا إليه بالبحث والاستقراء، وهذا السبب وحده فيه من قوة الترجيح ما يعتز به الفقيه ويفخر وذلك بالنظر إلى حقيقته ومعناه.

[مسائل الجمهور وبلوغ الخبر النبوي لبعض المجتهدين دون بعض]

ثانيًا: إذا كان من بين أسباب الخلاف بين الأئمه المجتهدين هو بلوغ الحديث النبوي على صاحبه أفضل صلاة وأتم سلام لبعض المجتهدين دون بعض، فإنك لن تجد في الغالب الأغلب الجمهور من الفقهاء يذهبون إلى قول إلا والحديث الشريف والنص النبوي في المسألة معهم لا يتركهم ولا يتركونه، وإن فات البعض من الأئمة هذا الحديثُ فهو من نصيب غير الجمهور في الجملة والغالب الأغلب.

مسائل الجمهور وترك العمل بالخبر النبوي لمعارضة ظاهره أصلًا من أصول بعض المجتهدين

ثالثًا: وسواء كان هذا الأصل "عمل أهل المدينة" أو "القياس" أو "عموم الكتاب" أو "النص قطعي الثبوت" أو غير ذلك، فإن هناك تلازمًا في الجملة وفي الغالب الأغلب (٢) بين صحة الخبر النبوي (وسلامته من قوادح الشذوذ والعلة ومعارضة


(١) فقد لا يوجد في بعض المسائل أو كثيرها قول لأكثر الصحابة أو التابعين أو لأكثرهم معًا.
(٢) من الأمثلة التي خالف فيها الجمهور ما ذكرته: مسألة إرضاع الكبير، فقد صح فيها الخبر وترك الجمهور العمل به وجعلوه من باب الخصوصيات، ومن هذه الأمثلة كذلك ترك العمل بحديث ابن عباس في زواج السيدة ميمونة في الحج، وعذر الجمهور في ذلك دخول الوهم على ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وغير ذلك من النوادر التي لا تقدح في جملة ما ذكرته آنفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>