(٢) (فائدة) جماعة العلماء وفقهاء الأمصار يرغبون لمن اعتكف العشر الأواخر في رمضان أن لا يخرج من معتكفه إلا بعد الفجر عند توجهه لصلاة العيد رأسًا وليس هذا على الوجوب عند جمهورهم، وروي عن سحنون من أصحاب مالك أنه على الوجوب ولم يرتضه أهل مذهبه. قلت: وهذا الترغيب الذي ذكرناه لا تلازم بينه وبين وقت انتهاء الاعتكاف كما ذكرنا في أصل المسألة إلا ما ذكرنا عن سحنون. قال القرطبي: استحب مالك لمن اعتكف العشر الأواخر أن يبيت ليلة الفطر في المسجد حتى يغدو إلى المصلى، وبه قال أحمد، وقال الشافعي والأوزاعي: يخرج إذا غابت الشمس، ورواه سحنون عن ابن القاسم، ثمَّ قال -رحمه الله-: وقال سحنون: أن ذلك على الوجوب، فإن خرج ليلة الفطر بَطُل اعتكافه، ثمَّ ذكر القرطبي -رحمه الله- ردَّ ابن الماجشون لقول سحنون هذا. انظر قرطبي ج ٢ ص ٣٣٦. قلت: قول القرطبي المتقدم يوهم أن الشافعي لا يستحب الاعتكاف في المسجد ليلة العيد كما ذكرنا عن جماعة العلماء، وهذا ليس بلازم قوله في انتهاء العشر بغروب الشمس ليلة العيد، وقد صرَّح النووي باستحباب هذا الذي ذكرناه في آخر كتاب الصيام وفي كتاب الاعتكاف قال النووي: ويستحب أن يمكث في معتكفه بعد هلال شوال حتى يصلي العيد أو يخرج منه إلى المصلى إن صلوها في غيره، قال: وقد سبقت المسألة في آخر كتاب الصيام. انظر مج ج ٦ ص ٤٢٠. وقال الموفق -رحمه الله-: ومن اعتكف العشر الأواخر من رمضان استحب أن يبيت ليلة العيد في معتكفه نصَّ عليه أحمد، ورُوي عن النخعى وأبي مجلز وأبي بكر بن عبد الرحمن والمطلب بن حنطب وأبي قلابة أنهم كانوا يستحبون ذلك، وروى الأثرم بإسناده عن أيوب عن أبي قلابة أنه كان يبيت في المسجد ليلة الفطر ثم يغدو كما هو إلى العيد، وكان يعني في اعتكافه لا يُلقيَ له حصير ولا مصلى يجلس عليه، كان يجلس كأنه بعض القوم. قال: فأتيته في يوم الفطر فإذا في حجره جويرية مزينةٌ (عليها آثار الزينة) ما ظننتها إلا بعض بناته فإذا هي أمة له فأعتقها وغدا كما هو إلى العيد، وقال إبراهيم (النخعي): كانوا يحبون لمن اعتكف العشر الأواخر من رمضان أن يبيت ليلة الفطر في المسجد ثم يغدوا إلى المصلَّى. انظر مغ ج ٣ ص ١٥٥. (٣) انظر بداية ج ١ ص ٤١٦، مغ ج ٣ ص ١٥٥، مج ج ٦ ص ٤٢٠، قرطبي ج ٢ ص ٣٣٦.