قلت: وأما إذا قاتل النساء والصبيان فيجوز قتالهم وقتلهم عند جماهير العلماء هكذا حكاه النووي، ولم يحك عن غيرهم خلافهم، انظر شرح جـ ١٢ (ص ٤٨)، وأما الشيوخ والرهبان ففيهم خلاف. الأصح لا يجوز قتلهم إلا إذا كانوا ذوي رأي في الكفار وفي حربهم ضد المسلمين، فيجوز حينئذ والله تعالى أعلم. انظر شرح جـ ١٢ (ص ٤٨). قلت: والحكم الذي ذكرناه في شأن النساء والصبيان من تحريم قتلهم إذا لم يقاتلوا مختص فيما إذا كانوا متميزين عن سائر أهل الحرب من المقاتلة، وأما إذا كانوا مختلطين غير متميزين، فإذا اضطر الإِمام إلى غزوهم (أهل الحرب) ليلًا لمفاجأتهم ومباغتتهم جاز له ذلك فإن قتل في هذا الحال نساء وصبيان لعدم المكنة في تمييزهم عن غيرهم، فلا بأس في هذا، ومتى أمكن الإِمام أو قائد الجيش أن يحرز دماء الأطفال والصبيان والنساء من غير المقاتلين فعل ذلك إن شاء الله تعالى، وقد حكى النووي عن الجمهور جواز البيات يعني تبيت الكفار وغزوهم ليلًا، ولو كان فيهم نساء وصبيان. انظر شرح جـ ١٢ (ص ٥٠). قلت: وهذا الجواز في المباغتة مقيد فيمن بلغتهم دعوة الإِسلام. قاله النووي. انظر المصدر السابق. (٢) وها هنا مسألتان كلتاهما مجمع عليهما أو لا خلاف يعلم فيهما: الأولى: أنه إذا وقع العدو في يد المسلمين فإنه لا يجوز قتلهم بالتحريق، والثانية: أنه إن قدر عليهم المسلمون بغير تحريق بالنار لم يجز التحريق وأما عند العجز عليهم فهي مسأله الكتاب. انظر مغ جـ ١٠ (ص ٥٠٢). قلت: ومعنى التحريق بالنار هنا هو بمعنى إحداث القتل العشوائي الجماعي في صفوف العدو بما يكون خارجًا عن أصل وجوب إحسان القِتْلَةِ والتعفف فيها، وهو ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل في عصرنا والتي حظرها أعداء الإِسلام المتحضرون على المسلمين وأباحوها لأنفسهم، ثم استجاب لنداءاتهم الكاذبة في التحضر والتمدن معظم حكام العرب والمسلمين وما علموا أن سنن الله في الكون تأبى هذا وأن العين بالعين والسن بالسن، وأن فقهاء الإِسلام الأوائل كانوا أذكى من ساسة الغرب والشرق معًا عندما ذكروا جواز استخدام تلك الأسلحة وبالضرورة جواز تصنيعها لضرورة الردع وتحقيق مصالح الجهاد ومن أهمها حفظ هيبة الإسلام وأهله ودياره، فإلى الله المشتكى.