للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ربنا -عز وجل- في كتابه بقوله: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢] .. وإن الفقه الذي صار قاصرًا على الحرف والقلم. وانفصل عن ميادين الحياة والذمم .. ليس هو الفقه الذي أمر به مولانا -سبحانه وتعالى- عندما قال: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] ...

فإذا كان هذا الذي ذكرناه قد كان بعضه أو جله ولا زال كائنًا فهل هي نهاية الدنيا وآخر الأمر؟؟ ... لا وألف لا .. إنه نور الله لابد أن يتم (١) .. وهو دينه -عز وجل- لابد أن يظهره على الدين كله (٢) .. وإنه التجديد في دين هذه الأمة لابد كائن (٣) ولولا هذا وذاك لما شرع قلم أو خط بنان .. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: ٢١].

[مسائل الإجماع]

لا يختلف فقيه أو عالم على أهمية الإجماع في الشريعة الإِسلامية، إذ هو ركن ركين من أركان الفقه الإِسلامي وهو في حقيقته عمود هذا الدين الذي قام عليه في قسميه العقدي والتشريعي ونحن هنا سنخصُّ القسم التشريعي. في الكلام على مواده وبعض ما يؤخذ على المشتغلين به، وأما الإجماع في قسمه العقدي. فقد إنتهينا بحمد الله وفضله من الكلام عليه وفق قواعد النظر والاستدل في كتابنا "القانون في عقائد الفرق الإِسلامية" بوضع قانونٍ يرجع إليه المختلفون في العقائد من أصحاب المقالات والفرق الإِسلامية إذا راموا وحدةً علميةً فيما بينهم تقوم على أصول هذا الدين وفق منهاج لا مجاملة فيه ولا مداهنة يعتمد على "قواطع الوحي واللغة والعقل".

[الإجماع "المتفق عليه"]

والإجماع الذي نعني هو الإجماع المتفق عليه الذي مهما بحثت له عن مخالفٍ من المجتهدين كثر أو قلَّ كان مشهورًا أو مغمورًا (٤) فإنك لن تجد له سبيلًا.


(١) قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ...} [التوبة: ٣٢]
(٢) قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ..} [التوبة: ٣٣].
(٣) قال - صلى الله عليه وسلم -:"يبعث الله على رأس كل قرن (أو مائة عام) من يجدد لهذه الأمة أمر دينها" [أخرجه أبو داود في السنن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بإسنادٍ صحيح].
(٤) وسواء كان هذا الخالف صاحبيًّا أو تابعيًّا أو غيرهما من سائر المجتهدين المعتبرين، وسواء كان المخالف في زمان وقوع المسألة أو بعدها بشرط أن لا يثبت إجماع صريح في زمان المسألة أو الواقعة. إذ لا يجوز في مذهبنا إذا ثبت هذا أن يُحْدِثَ أحدٌ اجتهادًا جديدًا، وهو بالاستقراء قليل ونادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>