للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[فصل في أحكام الاستطابة والاستنجاء (التخلي)]

[باب في الاستنجاء من البول والغائط ونحوهما لمريد الصلاة]

مسألة (٧٥) جمهور العلماء على أن الاستنجاء من البول والغائط وكل خارج من أحد السبيلين نجسٍ ملوثٍ واجب، وهو شرط في صحة الصلاة. وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وداود ومالك في روايةٍ.

وقال أبو حنيفة: هو سنَّهَ. وهو رواية عن مالك. وحكاه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والعبدري وغيرهم عن المزني، وجعل أبو حنيفة هذا أصلًا في النجاسات فما كان منها قدر درهم بغليٍّ (١) عفى عنه، وإن زاد فلا. وكذا عنده -رحمه الله- في الاستنجاء إن زاد الخارج على درهم وجب وتعيَّنْ الماء ولا يجزيه الحجر ولا يجب عنده الاستنجاء بالحجر.

وحكي عن ابن سيرين فيمن صلى بقوم ولم يستنج. قال: لا أعلم به بأسًا. حكاه الموفق عنه ووجَّهه بما يتفق مع الجمهور أو بما يقتضي أنه سنة غير واجبٍ (٢).

مج ج ٢ ص ٩٨، مغ ج ١ ص ١٤١.

باب في الاستنجاء بغير (٣) الأحجار

مسألة (٧٦) أكثر أهل العلم على أنه يجوز الاستنجاء بغير الحجر إذا قام مقام الحجر في الإنقاء. وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في روايةٍ.

وقال أحمد في روايةٍ وداود: لا يجزئ إلا الحجر (٤)، وهو اختيار أبي بكر


(١) الدرهم البغليُّ نوع من الدراهم الفضية الفارسية والتي كانت مستعملة في الجاهلية وأقرها الإِسلام وكانت ذات أوزان مختلفة فاعتبر أوسطها وزنًا وقُدِّرَ نِصَابُ زكاة الفضة بمئتي درهم منها، ثم ضربت بعد ذلك الدراهم الفضية الإسلامية وكذا الدنانير.
(٢) انظر. تحفة ج ١ ص ١١، ٦٤، الحاوي ج ١ ص ١٥٩، بداية ج ١ ص ١٥٥.
(٣) قلت: ولا أعلم خلافًا عن أحد أنه لا يجوز الاستنجاء بما له حرمة في الدين كأوراق مصحف أو كتب فقه أو نحو ذلك. بل من فعل هذا على وجه الاستخفاف والاستهزاء فهو معدود فيما يُخْرِجُ من الملة والعياذ بالله تعالى. انظر مغ ج ١ ص ١٤٩، مج ج ١ ص ١٢١.
(٤) وحكى النووي اتفاق العلماء كافةً إلا داود على جواز الاستنجاء بغير الحجر إذا أقام مقامه. ونُقل عن أكثر الأصحاب ما حكاه عن داود ثم قال. قال القاضي أبو الطيب: هذا ليس بصحيح عن داود، بل مذهبه الجواز. قلت: ولعل النووي -رحمه الله- لم يبلغه أو لم يستحضر قول أحمد في إحدى الروايتين عنه. وقد حكى هذا القول عن أحمد وداود غير الموفق ابن قدامة، فقد حكاه الماوردي -رحمه الله- وحكاه عن أهل الظاهر ابن رشد. انظر في هذه المسألة. مج ج ٢ ص ١١٥، الحاوي ج ١ ص ١٦٦، بداية ج ١ ص ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>