للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل في السحر (١)

باب في الساحر هل يقتلُ؟

مسألة (١٤٣٥) جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الساحر، إذا كان يَسْحَرُ بكلام فيه كفرٌ أو يطلب من المسحور فعل أو قول ما يقتضى الكفر فإنه يقتل، وروي قتل الساحر إذا سحر بما يكفر عن عمر بن الخطاب وابنه وحفصة وجندب بن عبد الله رضي اللَّه تعالى عنهم، وروي هذا كذلك عن قيس بن سعد التابعي.

قال ابن المنذر: وهذا مذهب عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق والنعمان (أبو حنيفة).

وروي عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها باعت ساحرة كانت سحرتها وجعلت ثمنها في الرقاب ذكر هذا ابن المنذر وأوله بأنها يحتمل أنها لم تكن تسحر بما فيه كفر.

قلت: ولا أحفظ عن أحد الآن أنه قال بعدم قتل الساحر إذا سحر بما فيه كفر، والله تعالى أعلم (٢).

الإشراف جـ ٢ (ص: ٤٠٧) شرح جـ ١٤ (ص: ١٧٦) بداية جـ ٢ (ص: ٥٥٤).

* * *


(١) السحر حرام تعلمه وتعليمه بإجماع العلماء إن كان مما له حقيقة يتوصل به إلى الإيذاء الإضرار. فإن اعتقد أن السحر أو الساحر يؤثر بنفسه لا بمشيئة الله وقدرته كفر بإجماع المسلمين. انظر مغ جـ ١٠ (ص ١١٤) شرح جـ ١٤ (ص: ١٧٦) وأما ما كان من قبيل الأخيلة وخفة اليد فلا شيء فيه إلا أن يوهم خلاف ذلك مما يدخل الفتنة والشك في قلوب الناس، وانظر القرطبي جـ ١ (ص ٤٣) وما بعدها، وانظر بداية جـ ٢ (ص ٥٥٤).
(٢) وأما إذا تاب الساحر قبل قتله فعند مالك لا تقبل توبته, لأنه عنده كالزنديق الذي يتلون بالكفر والإِسلام ولا يعرف له حال يحمل على الصدق في التوبة، وعند الشافعي تقبل توبته وتوبة الزنديق والمنافق المبطن للكفر والمظهر للإيمان إذا أظهر كفرًا ثم تاب، وهذا كله من الساحر الذي يسحر بما فيه كفر، وإلا بأن سحر بما ليس فيه كفر فيقتل عند مالك ولا يقتل عند الشافعي وغيره فإذا سحر وأدى سحره إلى ما يوجب القصاص؛ بأن قتل بسحر يقتل، وأقرَّ قتل في قولهم جميعًا، وإلا بأن قال: ما ظننت أن مثل هذا يقتل، أو قال: سحرته بما قد يقتل وبما قد لا يقتل، ففيه خلاف، والأصح أنه لا يقتل وفيه الدية والكفارة. انظر شرح جـ ١٤ (ص ١٧٦) الإشراف جـ ٢ (ص: ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>