للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل في القسامة (١) والدعاوى في النفوس والكفارة فيها

[باب في هل تشرع القسامة؟]

مسألة (١٤٢٢) جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار في الحجاز والشام والكوفة على أن القسامة مشروعة، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وسفيان وداود وغيرهم رحمهم الله تعالى.

قلت: وحكم بها عبد الله بن الزبير وذهبت طائفة من التابعين وغيرهم إلى أن القسامة لا تشرع وأنها لا تحل دمًا ولا تحقنه منهم: الحكم بن عتيبة وأبو قلابة وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار وقتادة ومسلم بن خالد وإبراهيم بن عُلَيَّةَ.

وروي عن معاوية بن أبي سفيان أنه لم يقد بها، وروي أنه أذن بها.

قلت: وهو مذهب البخاري وحكاه عنه النووي وقال: وعن عمر بن عبد العزيز روايتان كالمذهبين.

فتح الباري جـ ٢٦ (ص ٥٨) بداية جـ ٢ (ص ٥١١) نيل الأوطار جـ ٧ (ص ١٨٥) القرطبي جـ ١ (ص ٤٥٧) شرح جـ ١١ (ص ١٤٣).


(١) القسامة بفتح القاف من القسم، إما أن يراد بها الأيمان الكثيرة أو يراد بها الحالفون أنفسهم ومعناها في الشرع أن يحلف أولياء المقتول على من يتهمونه بالقتل ولا بينة لهم أنه قتله أو يحلف أهل المتهم وأوليا ؤه أنه ما قتل صاحبهم وعدة الأيمان فيها خمسون يمينًا. انظر مغ جـ ١٠ (ص ٢) فتح جـ ٢٦ (ص ٥٣) الحاوي الكبير جـ ١٣ (ص ٣).
قلت: وهل توجب القسامة القصاص في قتل العمد أم أن قصارى ما فيها الدية؟ على مذهبين. قال بالأول أعني أنها توجب القصاص: الزهري وربيعة وأبو الزناد ومالك وأصحابه والليث والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود والشافعي في القديم من مذهبه، وحكاه النووي عن معظم فقهاء الحجاز، وقال: وروى عن ابن الزبير وعمر بن العزيز، قال أبو الزناد: قلنا بها وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، إني لأرى أنهم ألفُ رجلٍ، فما اختلف منهم اثنان، وقال آخرون: ليس في القسامة قصاص، وبه قال فقهاء الكوفة والشافعي في أصح قوليه، وروى هذا عن الحسن البصرى والشعبي والنخعي وعثمان الليثي والحسن بن صالح، قال النووي: وروى أيضًا عن أبي بكر وعمر وابن عباس ومعاوية - رضي الله عنهم -. انظر شرح جـ ١١ (ص ١٤٣). قلت: وقد حكى النووي الإجماع على أنه لا يجب بالقسامة قصاص ولا دية بمجرد الدعوى حتى تكون هناك شبهة قوية يغلب على الظن بها صدق الدعوى. انظر شرح جـ ١١ (ص ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>