للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باب في الماء يخالطه شيء من الطاهرات (١)

مسألة (١٢) جمهور أهل العلم على أن الماء إذا وقع فيه شيء من الطاهرات فإنه باقٍ على طهوريته حتى تتغير صفته. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد (٢). وحكى ابن المنذر عن الزهري في كِسَرِ خُبْزٍ بُلَّت غيرت لونه أو لم تغير لونه لا يتوضأ منه. وحكى نحوه عن أم هانئ - رضي الله عنهما - وقال مالك: لا يتوضأ من الماء الذي يُبل فيه الخبز نقله عنه ابن القاسم في المدونة.

قلت: وعندي أن هذا يحمل في قول مالك فيما نقع وتفتت وعيز الماء ويدل عليه قوله -رحمه الله- في الجلد يقع في الماء ثم يخرج لا بأس بالوضوء منه.

باب في الفرق بين قليل الماء الراكد وكثيره إذا وقع فيه نَجَس (٣)

مسألة (١٣) جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الماء الراكد إذا وقع فيه شيء من النجاسات فإنه لا فرق في ذلك بين قليل الماء وكثيره من أنه لا ينجس حتى تتغير صفته من طعم أو لون أو ريح. روي ذلك عن حذيفة وأبي هريرة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم. وهو مروي عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وعكرمة وعطاء وجابر بن زيد وعبد الرحمن بن أبي ليلى والنخعي ومالك والأوزاعي والثوري ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد في إحدى الروايتين وداود. قال ابن المنذر: وبهذا المذهب أقول. قال النووي: واختاره الغزالي في الإحياء، واختاره الروياني في كتاب البحر والحلية. قال في البحر: وهو اختياري واختيار جماعةٍ رأيتهم بخراسان والعراق. قال النووي -رحمه الله تعالى: وهذا المذهب أصحها بعد مذهبنا. وقالت طائفة: ينجس قليل الماء بمجرد وقوع النجاسة فيه ولو لم تغير صفة من صفاته ولا


(١) وهذا في الطاهرات التي تستغني عن الماء أو يستغني الماء عنها ولا يشق تحرز الماء عنها وأما ما خالط الماء مما كان في مقره أو ممره فغير صفته كالطحلب والطين أو كان يتغير بسقوط أوراق الشجر عليه مما يشق الاحتراز عنه. فهذا كله لا خلاف بين أهل العلم في أنه باقٍ على طهوريته. انظر مج ج ١ ص ١٥١. مغ ج ١ ص ١٢, ١٣.
(٢) ويستوي في ذلك قليل الماء وكثيره راكده وجاريه. انظر ما نقلته عن مالك في المدونة ج ١ ص ٤.
(٣) لا خلاف بين أهل العلم في أن الماء الراكد إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت إحدى صفاته فإنه ينجس سواء كان الماء قليلًا أو كثيرًا. حكى الإجماع في هذه المسألة ابن المنذر. انظر مغ ج ١ ص ٢٤. وانظر. نيل ج ١ ص ٣٧. قلت: وأما إذا وقعت النجاسة ولم تغير ففي ذلك خلاف وهي مسألة الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>