للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أدلتها التفصيلية لا تبتعد كثيرًا في روحها عن مقاصد الشريعة، فلا عجيب بعد ذلك أن تأتي مسائل الجمهور منسجمة في غالبها الأغلب مع تلك القواعد، فقاعدة "لا ضرر ولا ضرار" أو قاعدة "إذا ضاق الأمر اتسع" أو قاعدة "الأمور بمقاصدها"، أو قاعدة "العادة محكمة"، وغير ذلك من قواعد الفقه الكبرى لا تذهب بعيدًا عما قال جمهور الفقهاء والعلماء.

مسائل الجمهور وأدلَّة الفقهاء في المسائل المتنازع فيها

إن المستقرأ لمسائل الجمهور والأدلة التي استندت إليها يجد أنها في الغالب الأغلب أقوى دليلًا وأظهر حجة بالمقارنة مع أدلة من خالف الجمهور من بعض أهل العلم المجتهدين وأئمته، وهذا الترجيح الذي خلصنا إليه وإن كان ترجيحًا اعتباريًّا في أعيان المسائل وتفصيلاتها، إلا أنه في ظني ترجيح صادق في جملته وعمومه، فقد يختلف أهل النظر من المشتغلين في الفقه وعلومه في المسألة الفلانية مثلًا التي قال فيها الجمهور بقول. أهو أرجح دليلًا وأقوى حجة من قول من خالفهم؟ أم أن قول غيرهم أقوى وأظهر؟ إلا أن هؤلاء الناظرين لو جمعوا مسائل الجمهور كلها الراجح منها والمرجوح لوجدوا والله تعالى أعلم أن ما رجح منها يفوق بكثير المرجوح والضعيف (١)، وقد رأيت المشتغلين بمذاهب الأئمة ونقل أقوالهم يجنحون إلى هذا الذي ذكرته أو نحوه كابن المنذر وابن رشد وابن حجر وغيرهم رحمهم الله تعالى.

" ترجيح مذهب الجمهور في الجملة" له أسبابه

ولما بحثنا عن الأسباب الكامنة وراء قوة قول الجمهور في الجملة ورجحانه، وجدنا ما تقر به الأعين وتلذُ به الأنفس، وهاك أيها القارئ الحبيب بعضها:


(١) وكما ذكرت هذا الذي توصلت إليه ظنًّا واجتهادًا يبقى الباب مفتوحًا لكل باحث وناظر ليخلص إلى النتيجة التي تهتدي إليها دراسته ويطمئن إليها بحثه وما أظنه في نهاية المطاف إلا ضامًا رأيه إلى رأينا في هذا المقام، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>