الأرض ومغاربها، وتضيء للناس دروب الحياة، وتبني لهم منارات في العلم والأدب، وتشيد لهم صروح الاجتماع والسياسة والاقتصاد وسائر أوجه التحضر البشري والتمدن الإنساني وهي أثناء عملها الضخم هذا ما تفتأ تختلف أكابرها وتتعدد آراء أفذاذها وعلمائها وفق مناهج من العلم والخلق الرصين صارت فيما بعد معلمًا من معالم التفوق والسمو الحضاري ..
وإذا اختلف الأوائل وهم على الحال الذي وصفت - في الاعتدال من الركوع أهو ركن أم لا؟ وفي تكبيرة الإحرام أيجزئ عنها غيرها من التكبيرات أم لا؟ وفي النية في الوضوء والغسل. هل هي ركن أم لا؟ وفي عروض التجارة، هل فيها زكاة أم لا؟ وفي أكل الثلج في نهار رمضان أيبطل الصوم أم لا؟ وفي الطهارة لطواف الحج والعمرة هل تشترط أم لا؟ ....
أقول: إذا اختلف الأوائل في تلك المسائل وأشباهها، وهي في أعمدة الإِسلام وأركانه ولم يعطل مسيرة أمةٍ ولم يكن في ذلك وفي تلك الأيام عيب أو شؤم على أهلها، أفيصح أن نجعل الخلاف في التراويح (وهي نافلة) أهي عشرون أم ثماني ركعات، سيفًا بتارًا أو قلمًا هتارًا تُسفك به دماء أو تُهتك به ذمم أو تُقطع لأجله وشائج وأرحام؟!!! إني أرجو من الله تعالى أن يكون من بين ثمرات هذا المصنف (المشروع الجديد) هو الإسهام في عودة الأمة إلى رشدها وأن يكون كالمنبه للغفلان والموقظ للوسنان آمين اللهم آمين.
١٩ - هذا المشروع يعتبر حصانة علميةً لقول الجمهور. وحماية لمذهبهم من أن يُنسب إليهم مالًا يصح، وقد كثر هذا في المصنفات والكتب الحديثة فتري المؤلف بنسب القول الفلاني لجمهور الفقهاء خطأ أو سهوًا أو لنقله عمن لم يتحر دقة النقل، أو لخلط بين اصطلاح جمهور أئمة المذاهب الأربعة وبين غيرهم.
٢٠ - هذه الموسوعة أرجو أن يكون من شأنها أن تفتح لطلاب العلم والباحثين وطلاب الدراسات العليا. آفاقًا في ميادين البحث والاستقراء والإحصاء وحقول الفقه المقارن وأصوله وغير ذلك.
وأخيرًا وليس آخرًا: فإن أقوال الجمهور لها أهميتها الخاصة ومكانتها الرفيعة عند أهل العلم من الفقهاء والأصولين والمحدثين ولعل ما كتبته في هذه المقدمة المتواضعة يلقي الضوء على هذا المشروع الجديد ويرغِّب الخاصة والعامة في اقتنائه والإفادة منه،