للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممّا احتجّوا به للمنع أنّهم لم يقطعوا بأنّ «براءة» سورة قائمة بنفسها دون «الأنفال»، قال ابن عباس: سألت عثمان عن ذلك فقال: "كانت «الأنفال» من أوائل ما نزل بالمدينة، و «براءة» من آخر القرآن، وقصتها شبيهة بقصتها، وقبض رسول الله ولم يبيّن لنا، فظننت أنّها منها فقرنت بينهما ولم أكتب بينهما بسم الله الرحمن الرحيم " (١)، وهذا يحيل الخلاف لأنّ غايته أنّها جزء منها، وقيل: الحجة قول أبيّ:

"كان يأمرنا بها في أوّل كلّ سورة ولم يأمرنا في أوّلها بشيء" (٢)، وعورض بأنّ من لم يبسمل في أوّل غيرها لا يسلم أنّه كان يأمر بها في غيرها وإلاّ بسمل، وأيضا عدم الأمر يوجب التّخيير لا الإسقاط أصلا لأنّ الأجزاء لم يكن يأمرهم فيها بشيء، وقيل: قول مالك نسخ أوّلها وهو يوجب التّخيير لكن القرّاء مجمعون على ترك البسملة فيها (٣).

وأمّا تجويز ابن شيطا الابتداء بها فيها تبركا دون الفصل بينهما بالبسملة، وقال:

إنّه بدعة وضلالة وخرق للإجماع ومخالف للمصحف، فقال ابن الجزري: "لقائل أن يقول له ذلك أيضا في البسملة أوّلها أنّه خرق للإجماع ومخالف للمصحف، ولا تصادم النصوص بالآراء، ولو وصلت «براءة» بأخر سورة سوى سورة «الأنفال» فالحكم كما لو وصلت بها (٤).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٧/ ٢٦٧ (٣٥٩٥٣)، وأحمد ١/ ٦٩ (٤٩٩)، وضعف الشيخ أحمد شاكر الحديث في تحقيقه للمسند من أجل الاختلاف في يزيد الفارسي، وأبو داود ١/ ٢٠٨ (٧٨٦)، والترمذي ٥/ ٢٧٢، (٣٠٨٦) وقال «حسن» صحيح لا نعرفه إلاّ من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس، والنسائي ٥/ ١٠ (٨٠٠٧)، والناسخ والمنسوخ للنحاس ١/ ٤٧٧، وابن حبان ١/ ٢٣٠ (٤٣)، والحاكم ٢/ ٢٤١ (٢٨٧٥) وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والبيهقي ٢/ ٤٢ (٢٢٠٥)، ويزيد الفارسي هو من التابعين قد روى عن ابن عباس غير حديث، وقد ضعف الألباني الحديث في ضعيف أبي داود (١٤٠) وفي صحيح وضعيف الترمذي (٣٠٨٦).
(٢) أخرجه أحمد ٥/ ١٣.
(٣) كنز المعاني ٢/ ١٩٩.
(٤) النشر ١/ ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>