للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن ترجم السّخاوي بذلك ابن خلكان فقال: "إنّه رآه مرارا راكبا وحوله اثنان وثلاثة يقرءون عليه دفعة واحدة في أماكن من القرآن مختلفة وهو يرد على الجميع"، ونحوه ما حكاه التّقي الفاسي في (تاريخ مكة) عن الشمس محمد بن إسماعيل بن يوسف الحلبي: "أنّه كان في بعض الأحايين يقرأ في موضع من القرآن ويقرأ عليه في موضع آخر ويكتب في موضع آخر فيصيب فيما يقرأه، ويكتبه وفي الرد بحيث لا يفوته شيء من ذلك"، وهذا فيه تساهل وتفريط لمن لا ملكة له، ومقابله في التّشديد والإفراط ما بلغني عن شيخ مشايخنا الكيلاني أنّه كان صعب المذهب فيما يقرأ عليه بل ربما كرّرالآية على الطالب المرة غير مرة، بل ربما كان عزيز التصريح بالرّد، وإنّما يشير للطالب عند وقوع الخلل منه حتى قيل إنّ بعضهم أظهر النّون قبل الفاء من قوله - تعالى -: ﴿ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ﴾ (١) فأشار إليه مرّات فلم يفهم فأقامه وحلف لا يقرئه أياما، أو أشهرا والأعمال بالنّيات.

فصل

وإذا أراد الطالب معرفة تحقيق القراءات وتدقيق طرق الرّوايات فلا بد له من حفظ كتاب كامل يستحضر به اختلاف القرّاء، ولا بدّ مع ذلك من معرفة اصطلاح ذلك الكتاب ومعرفة طرقه، ثمّ يفرد القراءات التي يريد معرفتها بقراءة راو راو، وشيخ شيخ، وهكذا إلى نهاية ما يريد معرفته.

وقد روينا عن أبي الحسن الحصري أنّه قرأ القراءات السبع على شيخه أبي بكر القصري تسعين ختمة كلمّا ختم ختمة قرأ غيرها حتى أكمل في مدّة عشر سنين، وإلى ذلك أشار بقوله (٢):

وأذكر أشياخي الذين قرأتها … عليهم فأبدأ بالإمام أبي بكر


(١) النحل: ٩٦.
(٢) انظر القصيدة الحصرية بتحقيق د/توفيق العبقري: ٩٣، وفيها: "ثم أتممت".

<<  <  ج: ص:  >  >>