للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الجزء الثّالث: وهو الوقف والابتداء

فاعلم أنّه إنّما توقف هذا العلم على معرفتهما، لأنّه لمّا كان من عوارض الإنسان التّنفس اضطر القارئ إلى الوقف وكان للكلام بحسب المعنى اتصال يقبح معه الوقف، وانفصال يحسن معه القطع، فاحتيج إلى قانون يعرف به ما ينبغي من ذلك.

فأمّا الوقف: فقال أبو حيّان في (شرح التّسهيل): "هو قطع النّطق عند آخر اللّفظ، وهو مجاز من قطع السّير، وكأنّ لسانه عامل في الحروف ثمّ قطع عمله فيها، قال ابن الدّماميني (١):" وهو أحسن من قول ابن الحاجب: "قطع الكلمة عن ما بعدها"، وقال الجعبري: "قطع صوت القارئ على آخر الكلمة الوضعيّة زمانا" (٢)، قال: فقطع الصّوت: جنس، وآخر الكلمة فصل أخرج قطعه على بعضها، فهو لغوي لا صناعي، والوضعيّة: ليندرج فيه نحو: كلّما الموصلة، فإنّ آخرها وضعا الميم، وزمانا: وهو ما يزيد على الآن، أخرج به السّكت، قال: "وهذا أجود من قولهم: قطع الكلمة عن ما بعدها، أو قطع الحرف عن الحركة لعمومه" (٣)، انتهى.

وظاهر ذلك أنّ الوقف يكون مع تنفس القارئ، وعدم تنفسه.

وقال ابن الجزري: "فهو عبارة عن قطع صوت/القارئ على (٤) الكلمة زمانا يتنفّس فيه عادة بنيّة استئناف القراءة، بما يلي الحرف الموقوف عليه، أو بما قبله، لا بنيّة الإعراض" (٥)، كما اشترطه في (النّشر)، حيث قال في آخر الباب: "فلو تنفس


(١) محمد بن أبي بكر بن عمر، المخزومي، المعروف بابن الدماميني، ولد سنة ٧٦٣ هـ، تصدر لتعليم العربية بالأزهر مات سنة ٨٢٧ هـ، وله تحفة الغريب شرح مغني اللبيب، الأعلام ٦/ ٥٦.
(٢) كنز المعاني ٢/ ٩٣٣.
(٣) كنز المعاني ٢/ ٩٣٣.
(٤) (آخر) زائدة في غير (ق، ط، والأصل)، وهي بدونها في النشر أيضا.
(٥) النشر ١/ ٢٤٠، وفي باقي النسخ غير الأصل بزيادة: [فخرج بقيد التنفس السكت، فإنه قطع الصوت زمانا دون زمن الوقف، من غير تنفس] بعد كلمة [الإعراض].

<<  <  ج: ص:  >  >>