للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القراءات وتوجيهها]

الإمالة في حاء ﴿حم﴾ (١) والسكت عليها وعلى الميم سبقا في أوّل الحواميم فأغنى قربها عن إعادتها.

واختلف في ﴿آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ و ﴿آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ (٢) الثّاني والثالث فحمزة والكسائي، وكذا يعقوب بكسر التّاء منصوبة في الموضعين عطفا على اسم أنّ، والخبر قولهم ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾ كأنّه قيل: وإن في خلقكم وما يبث من دابة آيات، أو تكون كررت تأكيدا ل ﴿آياتٌ﴾ الأوّلى، ويكون ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾ معطوفا على «﴿مَنْ فِي السَّماواتِ﴾» كرر معه حرف الجر توكيدا، ونظيره نحو قولك: "إنّ في بيتك زيدا، وفي السوق زيدا"، / ٤١٧ ب/فزيدا الثّاني تأكيدا/للأوّل، كأنّك قلت: "إنّ زيدا زيدا في بيتك وفي السوق"، وافقهم الأعمش، وقرأ الباقون برفعهما على أن يكون ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾ خبرا مقدما، و ﴿آياتٌ﴾ مبتدأ مؤخرا، وهي جملة معطوفة على جملة مؤكدة بأن، ويحتمل أن تكون معطوفة على ﴿آياتٌ﴾ الأولى باعتبار المحل عند من يجيز ذلك، قال الجعبري (٣): "وقد اختلف النّحاة في العطف على معمولي عاملين مختلفين نحو:" في الدار سعد والبيت بكر، وإنّ في المسجد زيدا والجامع عمرا "فمنعه سيبويه وأكثر البصريين مطلقا معللين بقصور الحرف لضعفه عن نيابة عاملين، واختاره الفرّاء وأكثر الكوفيين كذلك محتجّين بأنّ معنى النيابة هنا وقوع شيء مكان شيء فلا امتناع في وقوع شيء مكان أشياء وإنّما يمتنع التحمل، والوقوع دليل الجواز، واختاره الأخفش إذا تقدم المجرور المعطوف لاتحاد المحل دون تأخره لاختلافهما، وظاهر الاستعمال مع المجيز، وقد التزم المانع تأويله ليخرجه عنه فمنه قوله تعالى ﴿وَاِخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ﴾


(١) الجاثية: ١، النشر ٢/ ٣٧٢، سورة غافر: ١، ٧/ ٣٨٧.
(٢) الجاثية: ٤، ٥، النشر ٢/ ٣٧٢، المبهج ٢/ ٨١١، المصطلح: ٤٨٢، إيضاح الرموز: ٦٥٥، البحر المحيط ٨/ ٤٦، الدر المصون ١٣/ ٦٥.
(٣) كنز المعاني، الكتاب ١/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>